للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ولاية الله تنال بالإيمان والتقوى]

يقول بعض الإخوان: إنكم معشر الوهابيين لا تقيمون للأولياء وزناً، الأولياء عندكم لا تقدسونهم ولا تعرفون قدرهم.

قال له ذلك الأخ: ومن هم الأولياء؟.

قال: الله يقول: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:٦٢] .

فقال: اقرأ ما بعدها؛ {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:٦٣] ألا تكون منهم؟ ألا تحقق الإيمان وتحقق التقوى ثم تكون ولياً، ما بينك وبين أن تكون ولياً إلا أن تؤمن الإيمان الصحيح وتتقي الله تعالى، وبذلك تكون منهم، فلماذا تحرم نفسك وتتعلق بهم وتقدسهم وتعظمهم، وتعتقد فيهم، وتغلو في قبورهم وتفعل فيها ما لا يفعل إلا في بيوت الله تعالى وما لا يصلح إلا لله سبحانه وتعالى؟ ولماذا تعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب، وأنهم يطلعون على الكون، وأنهم يبلغون الأمور، وأنهم يديرون الأفلاك وأنهم أقطاب الأرض، وأنهم عمدها وأسسها، وأن الأرض ثبتت بثباتهم، وأنه لولا هؤلاء الأولياء لماجت الأرض واضطربت وخسفت بنا؟ فنقول: لا شك أن هذا من تلاعب الشيطان بهم، وإلا فولاية الله عز وجل تصلح لكل مؤمن: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة:٢٥٧] ، فعلى المؤمن أن يحرص على تحقيق الإيمان وتحقيق التقوى ليكون من أولياء الله تعالى، وعليه أيضاً أن يتولى الله ويتولى رسوله، ويتولى إخوته المؤمنين، بمعنى أن يحبهم وينصرهم، ولذلك ذكر الله تعالى أن المؤمنين يتولى بعضهم بعضاً: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:٧١] {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال:٧٣] .

عقد الله الولاية بين المؤمنين كما عقد بين المهاجرين والأنصار في الآية التي سمعنا؛ وهي قوله تعالى في آخر سورة الأنفال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا} [الأنفال:٧٢] .

(الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا) هؤلاء المهاجرون، (وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا) هؤلاء هم الأنصار.

ثم قال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال:٧٣] ، فالكفار بعضهم يتولى بعضاً، بمعنى: ينصر بعضهم بعضاً ويؤيده (والمؤمنون بعضهم أولياء بعض) يعني: أنهم يتناصرون فيما بينهم، وكذلك هم جميعاً أولياء الله، فكل من كان مؤمناً فهو من أولياء الله تعالى.