ذكروا أن اليهود لما قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه -وكذبوا فليسوا أحباءه- أنزل الله آية تسمى آية الامتحان أو آية المحنة في سورة آل عمران:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ}[آل عمران:٣١] فامتحنهم الله بهذه الآية، فإذا كنتم صادقين في أنكم تحبون الله فلابد من علامة، والعلامة الواضحة هي أنكم تتبعون هذا الرسول الكريم، فإن هذه علامة صدق من يدعي محبة الله.
روي عن بعض السلف رحمه الله أنه قال: من ادعى محبة الله ولم يوافقه فدعواه كاذبة؛ لأن الذي يحب الله يوافقه في أوامره ونواهيه، ويفعل ما يحبه الله من الطاعات، ويكره ما يكرهه الله من المحرمات والمعاصي، وكذلك أيضاً يحب أولياء الله ويبغض أعداء الله، وبذلك يكون صادقاً في هذه المحبة، وإذا لم يكن كذلك فليس بصادق، والذي يتظاهر بالمعصية ومع ذلك يدعي أنه يحب الله ليس بصادق، يقول بعض الشعراء: تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا عجيب في الفعال بديع لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع فعلامة المحبة طاعة المحبوب.
محبة الله تعالى واجبة، وعلاماتها ظاهرة، وهي: طاعته، وحب العبادات التي يحبها، وحب العباد الذين يحبهم، وكذلك موافقته، وكذلك بغض المعاصي التي حرمها ومقتها وأبغضها، ومعاداة العصاة والكفرة الذين أبغضهم وكرههم ومقتهم، فمن كان كذلك فإنه من أحباب الله الذين وعدهم الله تعالى بالثواب العظيم، جاء في الحديث القدسي يقول الرب تعالى:(ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته) ، هكذا ورد في هذا الحديث، ومعنى كون الله تعالى إذا أحبه يقول:(كنت سمعه إلخ) أي: أنه لا يسمع إلا ما يحبه الله، ولا يبصر إلا ما يحبه الله، ولا يمد يده ويبطش إلا في طاعة الله، ولا يحرك قدمه ماشياً إلا فيما أمر الله به وأحبه.