من العقيدة التي نحن نقرأ فيها الشهادتان: شهادة أن لا إله إلا الله، ويدخل فيها الإيمان بأسماء الله تعالى وبصفاته، ويظهر على من اعتقدها أثرها، ويدخل فيها أيضاً الإيمان بوحدانية الله تعالى وتفرده، ويدخل في ذلك أيضاً الإيمان بقوته وبقهره وبجبروته وبخلقه وبتقديره وبقدرته على كل شيء، وآثار ذلك عبادته وحده وترك عبادة ما سواه.
ويدخل في الشهادة الثانية -شهادة أن محمداً رسول الله- الإيمان بصدق النبي صلى الله عليه وسلم وبأمانته، والإيمان بتبليغه للرسالة وبيانها، والإيمان بصحة ما جاء به وما بلغه، وكونه كله من عند ربه.
ويدخل في ذلك وجوب طاعته، ووجوب محبته واتباعه والتأسي به والسير على نهجه، وتحكيمه والرضى بحكمه، وعدم الميل عن سنته، ومتى تحقق ذلك ظهر أنه من قوة العقيدة.
ويدخل في ذلك الإيمان بفضائله وبمزاياه، وكان منها أنه عليه الصلاة والسلام سيد الخلق يوم القيامة، وأنه الشفيع المشفع، وأنه صاحب المقام المحمود والحوض المورود والشفاعة في الآخرة، وكل ذلك يستدعي ممن قاله واعتقده أن يتبعه بالعمل.
ويدخل في ذلك: الإيمان بكل ما جاء العبد من الله تعالى وبلغته رسل الله تعالى.
وبلا شك أن الرسل عليهم الصلاة والسلام -وخاتمهم وأفضلهم محمد عليه الصلاة والسلام- مكلفون من الله تعالى بتبليغ الرسالة، وأنهم بلغوا ما أرسلوا به، فأدوا الأمانة وبلغوا الرسالة ونصحوا لأممهم، فكل ما بلغوه وكل ما جاءوا به، فالعبد يلتزم به ويصدقه، سواءٌ كان مجملاً أو مفصلاً.
التفصيل: جاءنا في كتابنا الذين أنزله الله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، فيه تفصيل أحوال الآخرة وما يكون بعد الموت، وما يكون في الدار الآخرة، فيؤمن العبد بذلك ويصدق بتفاصيله.
والإجمال بالكتب السابقة، فنؤمن بها إيماناً مجملاً، فنصدق بأنها كلام الله، وبأنها من الله، وبأنها حق، وبأن الله كلف الأمم الذين نزلت عليهم بالعمل بتفاصيلها، ولكن نحن ما كلفنا بالعمل ولا بالعلم بتفاصيلها، وإنما نؤمن بها مجملة، وهي تدخل في الإيمان بكتب الله.
وأدلة ذلك واضحة والحمد لله، فإذا آمن العبد بكل ذلك وبغيره من تفاصيل العقيدة، صدق عليه أنه من أهل العقيدة الراسخة الذين يعملون عن عقيدة، ويعملون عن يقين، ويعملون عن إيمان، ولا يردهم عن العمل شبهة ولا شك، ولا يعتريهم توقف ولا ريب.