أما سؤال الله تعالى بحق مخلوق فإن هذا أيضاً قد ذكرنا أنه لا يجوز، وأن المخلوق ليس له أن يتحكم على الله، ولكن قد يكون السائل أراد بذلك محبة ذلك العبد، فيكون سأل الله تعالى وتوسل إليه بعمل صالح، والتوسل إلى الله بالأعمال الصالحة من الأسباب لإجابة الدعاء ولقبوله.
وقد ذكروا لذلك أمثلة، فمثلاً: إذا قلت: يا رب! أسألك بأني عبدك الذليل، أسألك بأني مصدق بوعدك ووعيدك، أسألك بما عملته لك من الصالحات، فهذه توسلات مباحة يُرجى بذلك قبول الدعاء بها، وكذلك إذا توسلت بمحبة أولياء الله، فإن ذلك فيه أيضاً وسيلة لإجابة الدعاء، كأن تقول: أسألك بأني أحبك وأحب نبيك وأحب عبادك الصالحين، أسألك بمحبتي لك ومحبتي لهم أن تجيب دعوتي، أو تقيل عثرتي، أو ما أشبه ذلك، أو تقول: أسألك بإيماني بك وتصديقي لنبيك واتباعي لشريعته، وإيماني بما جاء به وتصديقي بكتابك وعملي به، ونحو ذلك، تتوسل إلى الله تعالى بأعمال صالحة قد عملتها وأنت صادق فيها، فإن هذا فيه وسيلة إلى الله بأعمال خيرية، والله تعالى يجيب من هو أهل للإجابة إذا كان صادقاً فيما قاله بقلبه أو فيما قاله بلسانه.
فالسؤال بحق فلان المخلوق لا يجوز كما تقدم.
وأما السؤال بحبه، أو باتباعه، أو بالسير على نهجه، أو بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم، أو بعمل من الأعمال الصالحة، فذلك أيضاً من الوسائل التي تكون مؤثرة في إجابة دعاء الداعي، فإذا توسل بها العبد رُجي إجابة دعوته، ولكن عليه مع ذلك أن يجتهد في الأدعية النبوية، وفي الأعمال الصالحة.
والأدعية النبوية فيها كثير من ذكر الأعمال الصالحة، فمثلاً: إذا قلت: (اللهم أنت ربي لا إله إلَّا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت) ، فتوسلت بأنك ملتزم بعهد الله وبوعده ما استطعت؛ فذلك من الأسباب، كذلك إذا قلت: أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يقربنا إلى حبك، كأنك تقول: أسألك أن ترزقني عملاً صالحاً أكون به محبوباً لك ومحباً لك.
وما أشبه ذلك.
فهذه أدعية نبوية وأدعية فيها توسل بأعمال صالحة ودعاء بالأعمال الصالحة أو بالتوفيق لها.
ولم يرد عن السلف رحمهم الله أنهم قالوا: أسألك بحق فلان.