قال الشارح رحمه الله: [قوله: (وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشرع والبيان كله حق) .
يشير الشيخ رحمه الله بذلك إلى الرد على الجهمية والمعطلة والمعتزلة والرافضة، القائلين بأن الأخبار قسمان: متواتر، وآحاد، والمتواتر وإن كان قطعي السند لكنه غير قطعي الدلالة، فإن الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين، وبهذا قدحوا في دلالة القرآن على الصفات.
قالوا: والآحاد لا تفيد العلم، ولا يحتج بها من جهة طريقها، ولا من جهة متنها.
فسدوا على القلوب معرفة الرب تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله من جهة الرسول، وأحالوا الناس على قضايا وهمية ومقدمات خيالية سموها قواطع عقلية وبراهين يقينية، وهي في التحقيق {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}[النور:٣٩-٤٠] .
ومن العجب أنهم قدموها على نصوص الوحي، وعزلوا لأجلها النصوص؛ فأقفرت قلوبهم من الاهتداء بالنصوص، ولم يظفروا بقضايا العقول الصحيحة المؤيدة بالفطرة السليمة والنصوص النبوية، ولو حكموا نصوص الوحي لفازوا بالمعقول الصحيح، الموافق للفطرة السليمة.
بل كل فريق من أرباب البدع يعرض النصوص على بدعته، وما ظنه معقولاً، فما وافقه قال: إنه محكم، وقبله واحتج به! وما خالفه قال: إنه متشابه، ثم رده، وسمى رده تفويضاً أو حرفه، وسمى تحريفه تأويلاً! فلذلك اشتد إنكار أهل السنة عليهم] .