للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعاء للميت بالنجاة من عذاب القبر]

يستحب في الصلاة على الجنازة أن يدعى للميت بالنجاة من عذاب القبر، يقال في آخر الدعاء له، بعدما يدعى له بالمغفرة، وأن تكفر عنه خطاياه: اللهم افسح له في قبره، ونور له فيه.

وهذا مما يرجى إجابته، فيفسح له في قبره، ويقال أيضاً: اللهم أنجه من عذاب القبر وعذاب النار.

هكذا يستحب أن يدعى للميت، ويدعى كذلك لكل المسلمين أن ينجيهم الله من عذاب القبر، ومن فتنة القبر، ومن فتنة ما بعد الموت.

وإجماع المسلمين على الدعاء بذلك، حتى أوجبه بعضهم في آخر الصلاة، دليل على أنهم يوقنون بذلك، ويدل على وجوده قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال) ، فجعل من جملتها عذاب القبر، فدل على أنه عقيدة راسخة عند المسلمين، وهي أن القبر فيه عذاب، ولو لم يقبر الميت، قد يقال: إن هناك أمماً لا يدفنون أمواتهم، بل يحرقونهم كما هو معروف، وهناك من يموت في صحراء ولا يدفن، بل تأكله الطيور، وتتقطعه السباع، ولا يبقى له جثة تدفن أبداً! فنقول: يأتيه عذابه أو نعيمه ولو كان رماداً، ولو كان تراباً، فقدرة الله تأتي على كل شيء، يعذب أو ينعم أياً كانت حياته وحالته، لكن الأصل شرعية الدفن للأموات، فالإسلام شرع التدافن، يقول الله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس:٢١] أي: فشرع أن يقبر، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا ألا تدافنوا لسألت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع) كأنه يقول: إنهم لو سمعوا ما يسمعه من المعذبين في القبر لخشي أنهم لا يتدافنون، فيقولون: لا حاجة إلى الدفن، لا ندفنه إذا كان يعذب في قبره، لكن شرع الله التدافن، وقدر أن يصل العذاب أو النعيم إلى كل أحد سواء دفن أو لم يدفن.