قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا شك أن الإقرار بالربوبية أمر فطري، والشرك حادث طارئ والأبناء تقلدوه عن الآباء، فإذا احتجوا يوم القيامة بأن الآباء أشركوا ونحن جرينا على عادتهم كما يجري الناس على عادة آبائهم في المطاعم والملابس والمساكن، يقال لهم: أنتم كنتم معترفين بالصانع مقرين بأن الله ربكم لا شريك له، وقد شهدتم بذلك على أنفسكم، فإن شهادة المرء على نفسه هي إقراره بالشيء ليس إلا، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ}[النساء:١٣٥] ، وليس المراد أن يقول: أشهد على نفسي بكذا، بل من أقر بشيء فقد شهد على نفسه به، فلم عدلتم عن هذه المعرفة والإقرار الذي شهدتم به على أنفسكم إلى الشرك؟ بل عدلتم عن المعلوم المتيقن إلى ما لا يعلم له حقيقة، تقليداً لمن لا حجة معه.
بخلاف اتباعهم في العادات الدنيوية؛ فإن تلك لم يكن عندكم ما يعلم به فسادها وفيه مصلحة لكم، بخلاف الشرك فإنه كان عندكم من المعرفة والشهادة على أنفسكم ما يبين فساده وعدولكم فيه عن الصواب.