هذه مسألة فروعية، ومع ذلك ذكرت في العقائد، وهي مسألة المسح على الخفين، يذكرها الفقهاء في أبواب الطهارة، يقولون: باب المسح على الخفين، ويذكرون أحكام ذلك، والناس يسمعون ذلك ويفهمونه ويعرفونه، فهي من المسائل الفروعية، مثل: باب التيمم، ومثل باب الغسل من الجنابة وموجباته، ومثل: إزالة النجاسة وخصال الفطرة، وما أشبه ذلك.
فلماذا ذكرت في كتب العقائد كهذا الكتاب وهي مسألة فرعية تتعلق بالطهارة؟
الجواب
لأن الخلاف فيها مع المخالفين في العقيدة، فالذين خالفوا فيها خالفوا في أكثر العقائد، وردوا السنة الصحيحة الصريحة في كثير من الأحكام الثابتة، وطعنوا في الذين يفعلونها، وخالفوا الأدلة.
الذين خالفوا في هذه السنة هم الرافضة الذين يسمون أنفسهم شيعة، يقولون: إنهم شيعة علي، يعني: أعوان علياً، مع أن علي رضي الله عنه بريء منهم ومن مشايعتهم، وهم في الحقيقة ما شايعوه ولا نصروه، بل خذلوه وخذلوا أولاده، ولم يكن منهم نصر له ولا معاونة له ولا لأهله في زمن من الأزمان، ولكن زين لهم الشيطان أعمالهم فسموا أنفسهم شيعة علي، وأهل السنة يسمونهم رافضة؛ وذلك لأنهم رفضوا الحق، يعني: تركوا السنة وهم يعرفونها، سواء أوائلهم وأواخرهم، ولكنهم عاندوا في تركه ورفضه، فصدق عليهم اسم الرفض.
وقولهم في هذه المسألة قول باطل؛ وذلك لأنهم خالفوا المسلمين في أمرين: في غسل الرجلين، وفي المسح على الخفين، فهم لا يرون غسل الرجلين، فإذا كانت الرجل بارزة لا يرون غسلها، بل يمسحون الرجل كما يمسحون الرأس، هذا مذهبهم، فإنهم قد خالفوا السنة الصريحة في غسل القدمين إذا كانتا مكشوفتين، وخالفوا السنة الصريحة في مسح الخفين إذا كانا على القدمين، فخالفوا مرتين؛ فلأجل ذلك أنكر عليهم السلف، وأساءوا بهم الظن، وحذروهم وحذروا منهم، روي عن ابن المبارك رحمه الله أنه كان يقول: إذا رأيت الرجل يسأل عن حكم المسح على الخفين أسأت به الظن، يعني: اتهمته في معتقده، خوفاً أن يكون من هؤلاء الشيعة؛ وذلك لأنه لم يكن أحد من أهل السنة المتمسكين بها يشك في حكم المسح على الخفين وفي جوازه؛ لأنه متلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقله عنه جمع عن جمع، وأعداد عن أعداد، وتلقاه المسلمون وتقبلوه، فروي في المسح أكثر من أربعين حديثاً.