قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً}[الروم:٥٤]{وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ}[يوسف:٦٨] ، ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم، ولا القوة كالقوة، ونظائر هذا كثيرة.
وهذا لازم لجميع العقلاء، فإن من نفي صفة من صفاته التي وصف الله بها نفسه، كالرضى والغضب والحب والبغض ونحو ذلك، وزعم أن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم! قيل له: فأنت تثبت له الإرادة والكلام والسمع والبصر، مع أن ما تثبته له ليس مثل صفات المخلوقين، فقل فيما نفيته وأثبته الله ورسوله مثل قولك فيما أثبته، إذ لا فرق بينهما] .
هنا يرد على بعض النفاة، وهم من يدعون بالأشاعرة، فإنهم يثبتون أن الله يسمع ويبصر ويتكلم ويقدر ويعلم ويريد، ويثبتون له الحياة، ومع ذلك ينفون الصفات الفعلية، فنفوا أن الله يحب أو يبغض أو يفرح، وكذلك ينفون أن لله سبحانه وجهاً أو يداً كما أثبت لنفسه، وهكذا بقية الصفات.
فإذا طلب منهم سبب النفي قالوا: إن هذه موجودة في المخلوق، فالمخلوق يغضب ويرضى ويحب ويبغض، فلا يكون الرب مثله.
قيل لهم: عجباً لكم! إذاً: أنتم تقولون إن الله يريد ويعلم ويسمع ويتكلم ويقدر، والمخلوقون كذلك، لهم إرادة وسمع وبصر وعلم وقدرة، فما الفرق بين ما أثبتم وما نفيتم؟! ولا يجدون سبيلاً إلى الفرق، فتنقطع بذلك حجتهم، حيث فرقوا بين ما جمع الله بينه، فأثبتوا الإرادة ونفوا المحبة، ولا فرق بينهما.