للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الواجب تجاه السحرة والكهنة]

واجبنا تجاه السحرة والكهنة أن نحاربهم بقدر ما نستطيع، وكثيراً ما يشتكي لنا بعض الإخوان بأنهم أصيب منهم شخص بسحر، أو أصيب بعمل شيطاني، أو تسلط عليه جني، وأخبر بأن الذي سخره ساحر متشيطن متسلط، وأشباه ذلك.

ويذكرون أن الساحر متى تمكن من السحر فإنه يسخِّر له جنوداً من الشياطين ومن الجن، فالشياطين يدلونه ويخبرون بالأمور الغائبة ونحوها، والجن يتصرف فيهم، فيسلطهم على من يريد، فيقول: -أنت يا هذا- اذهب إلى فلان فلابسه، أو إلى فلانة فتلبس بها، ولا تخرج منها أبداً، وحاول أنك لا تخرج إلا بعد موت هذا الإنسان، فإذا نطق ذلك الجني الذي تلبس بذلك الإنسان، ذكر أنه لا يستطيع أن يخرج ولو قرأ عليه القارئ، ولو عالجه، ولو نفث عليه، ولو تضرر من القراءة؛ لأنه مسخر، من الذي سخرك؟ ومن الذي سلطك؟ فيدل عليه، ويقول: سلطني الساحر الفلاني الذي تحت سيطرته ألف جني أو خمسة آلاف أو خمسمائة من الجن، وهؤلاء كلهم تحت تسخيره، وتحت سلطته، فكيف تمكن منهم؟! وكيف استعبدهم؟! تقربوا إليه وتقرب إليهم، حتى أخذ بطاعتهم، وتعهدوا أنهم لا يخرجون عن طواعيته، ولا يستطيع أحدهم أن يعصيه، فمتى أشار إليه أن تسلط على فلان أو فلانة لم يستطع التأخر.

ومتى يبرأ هذا الذي أصيب بهذا المس؟ ومتى يبرأ هذا الذي أصيب بهذا الجنون؟ الغالب أنهم لا يبرءون حتى يموت ذلك الجني الذي لابسه، وكثير من القراء الذين يقرءون على أولئك المصابين يقرءون بشدة، وينفثون بشدة، ويستعملون أدعية وآيات من القرآن فيها شيء من القوة، فذلك الجني الذي لابس ذلك الإنسي يكاد أن يحترق ولا يستطيع الخروج، فأحياناً يموت وهو ملابس لذلك الإنسي، وبعد موته يفيق الإنسي بإذن الله سليماً، ويقول: أين أنا؟! لأنه لا يدري أين هو قبل ذلك، وإذا قيل لذلك الجني: لماذا لا تخرج؟ يتعذر ويقول: إني لا أستطيع حتى تقتلوا ذلك الساحر الذي سلطني عليه، ولو متُ ولو خرجت فإنه سيسلط عليه مثلي آخر وآخر؛ لأن تحت طواعيته هذا العدد الكثير، فاذهبوا فاقتلوا ذلك الساحر، حتى تريحوا أنفسكم، وحتى أخرج أنا براحة بدون أن تكرهوني، وأتخلص منكم وتتخلصون مني، هكذا يتكلم كثير من الجن على ألسنة من لابسوه.

ونقول: لا شك أن هذا الساحر الخبيث الذي سخر هؤلاء الجن ما سخرهم إلا بعد ما استعبدهم، وبعد ما تقرب إليهم، وبعد ما أخذ عليهم العهد، وبعد ما عبدهم مع الله، أو عبد الشياطين حتى ذللتهم لطواعيته.

إذاً: ما واجبنا نحو هؤلاء السحرة الذين يعيثون في الأرض فساداً، والذين يسلطون الجن على الأبرياء من الرجال والنساء؟ وقد يتظاهرون بأنهم لا يعملون ذلك، وربما يأتي أحد ضعفاء الإيمان إلى الساحر فيقول: أريد أن تسلط على فلان أو فلانة كذا وكذا! لا شك أن مثل هؤلاء يجب أن يحاربوا؛ حتى يخف شرهم، وحتى يُقطع دابرهم، وأما إذا بقوا فإنهم يزيدون ويزيد شرهم ويتمكنون، ويصعب بعد ذلك التخلص من شرهم.

ونحن نعرف أن هناك من وفقهم الله تعالى من أهل الخير ومن أهل الدين وأهل المعرفة يعالجون مثل هذه الإصابة الشيطانية، فيعالجون من إصابة المس، ويعالجون من إصابة السحر والصرف والعطف ونحو ذلك، ويشفي الله على أيديهم خلقاً كثيراً، ولكن هناك أحوال شيطانية تستعصي، ويصعب تخليصها إلا بقتل الجان، أو بقتل الساحر، فلو تعاون الأهالي على كل من عرفوا أنه ساحر، أو أن أنها ساحرة، وقضوا عليهم وقتلوهم؛ لاستراح منهم العباد والبلاد.