قال المؤلف رحمه الله: [قوله: (وكما أنه محيي الموتى بعد ما أحيا استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم) .
يعني أنه سبحانه وتعالى موصوف بأنه محيي الموتى قبل إحيائهم، فكذلك يوصف بأنه خالق قبل خلقهم، إلزاما للمعتزلة ومن قال بقولهم، كما حكينا عنهم فيما تقدم، وتقدم تقرير أنه تعالى لم يزل يفعل ما يشاء] .
ويعتقد المسلم أن الله تعالى يفعل ما يشاء، فإن من صفاته أنه يحيي ويميت، فمن شاء أحياه ومن شاء أماته، ومن شاء رزقه، ومن شاء أفقره ومن شاء أغناه، يعطي من يشاء ويمنع، ويخفض من يشاء ويرفع، ويعز من يشاء ويذل، وهذه الأوصاف التي هي من صفاته هي أيضاً قديمة، بمعنى أنه موصوف بها أزلاً، أي: أن من أسمائه المحيي قبل أن يخلق الذين يحييهم، وكذلك المميت، وكذلك المعطي والمانع والخافض والرافع وما أشبه ذلك.
والقصد من معرفة هذه الأسماء أن يعرف العبد أنها لله تعالى فيرغب إليه أن يعزه، ويعلم أن من أذله الله فلا معز له.
ويرغب إليه أن يرفع قدره، ويعرف أن من خفضه الله فلا رافع له.
ويرغب إليه بالهداية، ويعلم أن من يضلل الله فما له من هاد، وهكذا بقية الصفات.
وذلك أن هناك فرقاً من المبتدعة كالمعتزلة الذين يعتقدون أنه لا يفعل إلا ما يقدر عليه، وأن العبد يفعل بغير قدرة الله -تعالى الله عن قولهم-، وأن العبد هو الذي يفعل باختياره وهو الذي يهدي نفسه ويضل نفسه، ولا شك أن هذا فيه اعتراض على الله وحجر لصفته، وأنه لا يفعل أو لا يقدر إلا على ما يقدر عليه بدون بعض الأشياء التي لا يقدر عليها، فالله تعالى قد وصف نفسه بعموم القدرة في قوله تعالى:{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[المائدة:١٢٠] ، وسيأتينا هذا إن شاء الله.