للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توحيد الربوبية يوافق الفطرة]

قال رحمه الله: [والمقصود هنا أنه ليس في الطوائف من يثبت للعالم صانعين متماثلين، مع أن كثيراً من أهل الكلام والنظر والفلسفة تعبوا في إثبات هذا المطلوب وتقريره، ومنهم من اعترف بالعجز عن تقرير هذا بالعقل، وزعم أنه يتلقى من السمع] .

هذا بيان لما عليه الفلاسفة ونحوهم، فالاعتراف بالخالق سبحانه وتعالى اعتراف فطري، ولكن الفلاسفة يريدون أن يعبروا عما فطروا عليه تعبيراً مقنعاً، فلأجل ذلك اختلفت التعبيرات عندهم، وسيأتينا بعض تعبيراتهم التي يستدلون بها على أن العالم لم يصدر إلا من خالق واحد، وأكثرهم لما لم يقدر على التعبير زعموا أن هذا متلقىً من السمع -أي: من الشرع-، وأن الاعتراف بالخالق مأخوذ من الشرع، ولا شك أنه أمر فطري، ولو ترك كل واحد والفطرة التي فطر عليها لعرف أن له رباً وأنه مخلوق.

ولأجل ذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (كل مولود يولد على الفطرة) ، وقال تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم:٣٠] ، ولكن مع ذلك هناك أدلة عقلية صريحة تبين للإنسان أنه مخلوق، وقد احتج عليهم سبحانه وتعالى بالعقل في قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ} [الطور:٣٥] فإذا عرفوا أنهم لم يخلقوا من غير شيء فلا بد لهم من خالق خلقهم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.