من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله، وبما أخبرت به رسل الله، فالإيمان بالرسل داخل في الإيمان بالله، والإيمان باليوم الآخر داخل في الإيمان بالله؛ لأنه خبر الله، الله هو الذي أرسل الرسل، فمن آمن بالله آمن برسله، والله أخبر باليوم الآخر فمن آمن بالله آمن بخبره، واليوم الآخر يراد به ما بعد الموت، كلما يكون بعد الموت فهو من اليوم الآخر؛ ولذلك يقولون: من مات فقد قامت قيامته، فأول الآخرة وأول مراحلها خروج الروح، وبعدها يبدأ الإنسان في الجزاء، قبل خروج الروح هو في العمل، وبعدها يدخل في الجزاء، ويلقى جزاءه من حين تخرج الروح حيث يلقى مقدمات الجزاء على الأعمال إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
وقد عرفنا ما يحصل لروح المؤمن ولروح الكافر عند خروجها، وإن كنا لا نراها، وكذلك ما يحصل من عذاب القبر ونعيمه، ومن سؤال منكر ونكير، فذلك كله داخل في الإيمان باليوم الآخر، وإذا آمن العبد بما بعد الموت فإن من آثار الإيمان الاستعداد، وهو أن يعمل لما بعد الموت كما في الحديث:(الكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت) والكيس: هو الحازم الفطن، الذي دان نفسه يعني: حاسبها وعمل لما بعد الموت، فإن ما قبل الموت قد ضمنه الله لمن عمل عملاً صالحاً، بل لكل الخلق، وإنما الذي لم يضمن هو ما بعد الموت، فليجتهد العبد حتى إذا قامت قيامته وجد جزاءه أحوج ما يكون إليه.