قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قوله: (لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره) .
أي: لا يرد قضاء الله راد، ولا يعقب -أي: لا يؤخر- حكمه مؤخر، ولا يغلب أمره غالب، بل هو الله الواحد القهار] .
يعني أنه هو المتصرف وحده بخلاف المخلوق فإن هناك من يتعقبه، فكثيراً ما يفعل الابن فعلاً ويتعقبه الوالد ويقول: هذا خطأ، لو قدمت كذا أو أخرت! وكثيراً ما يحكم الحاكم أو يقضي القاضي ثم يُرد قضاؤه ويتعقبه مَن فوقه وينكر عليه ويقول: حكمك خطأ.
ولو كان قد اجتهد وبذل وسعه، بخلاف الرب سبحانه فإنه إذا قضى أمراً فإنه لا يرد، وإذا حكم بحكم فإنه لا ينقض، وإذا أمر بأمر فإنه لا يتعقب.
ولأجل ذلك حكموا بكفر من يرد أحكام الله تعالى ويدعي أنها لا تلائم كل وقت وزمان ومكان، ويفضلون عليها القوانين الوضعية التي هي من وضع أذهان البشر الذين هم محل النقص والعيب، ويتعقبون أحكام الله بأنها إنما تناسب الوقت الذي نزلت فيه.
ولا شك أن هذا كفر؛ حيث إن الحكم -أي: الذي صدر من الله تعالى- أنزله لعباده وأمر به أمراً عاماً، وكلف به الخلق قاصيهم ودانيهم أولهم وآخرهم، فهو المناسب لهم، فمن رده أو ادعى عدم مناسبته فقد تعقب حكم الله وقد تنقص أمره، فهو شبيه بمن يرد العبادات التي كلف بها العباد ويدعي أنها إنما قصد منها أمر خاص أو نحو ذلك، والكلام على هذا لعل له محلاً يأتينا إن شاء الله.