للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر بعض الآيات المؤكدة على أبدية الجنة]

ورد التأكيد على أبدية الجنة في القرآن في عدة آيات، ففي سورة النساء قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً} [النساء:٥٧] ، فأكد الخلود بالأبدية، وكذلك قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [التوبة:١٠٠] ، فأكد الخلود بالأبدية، بمعنى: أنهم مخلدون فيها خلوداً دائماً لا يتحول، فالأبدية بمعنى الدوام.

وكذلك في عدة مواضع من آخرها قول الله تعالى في سورة البينة: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة:٨] ، أكد الخلود بالأبدية، فلا شك أن هذا دليل على البقاء، وقد ورد أيضاً: التأكيد بثلاثة أشياء في سورة التوبة، قال تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [التوبة:٢١-٢٢] ، (مقيم) : يعني: دائم، (خالدين) : يعني: دائمين، (أبداً) : يعني: مؤبداً، فأكده بقوله: (مقيم) وبقوله: (خالدين) وبقوله: (أبداً) ، ولا شك أن ذلك دليل على الأبدية والاستمرار.

واستدل الشارح بقول الله تعالى في أهل الجنة في سورة الدخان: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى} [الدخان:٥٦] يعني: التي في الدنيا، فمعناه أنهم دائمون لا يموتون، بل مستمر بقاؤهم ولا يتحولون عنها، فلا يذوقون فيها الموت إلا موتتهم التي في الدنيا، فهذا دليل أيضاً على بقائها.

واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم في وصف أهل الجنة أنه يقال لهم: (إن لكم فيها أن تحيوا فلا تموتوا أبداً، وأن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وأن تقيموا فلا تظعنوا أبداً) ، واستدل بالحديث الذي تقدم في ذبح الموت بين الجنة والنار، وأنه يقال لأهل الجنة: (يا أهل الجنة! خلود فلا موت، ويا أهل النار! خلود فلا موت) ، فيزداد أهل الجنة فرحاً، ويزداد أهل النار سوءًا وحزناً؛ وذلك لأن أهل النار يتمنون الخلاص، بل يتمنون أن يقضى عليهم يقولون: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف:٧٧] ، فيتمنون أن يموتوا، فيخبر الله بأن ذلك لا يكون، يقول الله تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر:٣٦] ، ويقول في آية أخرى: {لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا} [الأعلى:١٣] ، يتمنى الموت فلا يموت، ولا يحيا حياة طيبة يسعد فيها وينعم، هذه حالتهم، ولا شك أن هذا دليل على البقاء، ودليل على دوامهم وعدم انقطاع نعيم هؤلاء وعذاب هؤلاء.