قال رحمه الله: [فأما مرتبة العلم فإن الشهادة تضمنتها ضرورة وإلا كان الشاهد شاهداً بما لا علم له به، قال تعالى:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[الزخرف:٨٦] ، وقال صلى الله عليه وسلم:(على مثلها فاشهد) وأشار إلى الشمس.
وأما مرتبة التكلم والخبر فقال تعالى:{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}[الزخرف:١٩] فجعل ذلك منهم شهادة وإن لم يتلفظوا بلفظ الشهادة ولم يؤدوها عند غيرهم] .
يتكلم على معاني هذه الأشياء، يقول: إن الإنسان لا يشهد إلا بما علم، قال تعالى:{وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا}[يوسف:٨١] ، فأنت لا تؤمر بالشهادة إلا بعدما تعلمها، وتعتقد معناها وتتحققها، فلا بد من هذا الأمر.
ولا بد أن يكون العلم علم يقين لا علم شك وتردد، ولا بد أن يكون ذلك العلم قائماً على أدلة، فإن العلم الذي ليس له دليل قوي لا يؤمن أن يأتي دليل يبطله، ولا شك أن علم التوحيد قائم على أدلة قوية لا يمكن أن يأتي ما يبطل دلالتها.
فهذه المرتبة الأولى، وهي: أن الشاهد يعلم ما يشهد به علم يقين، ويكون علمه ناشئاً عن أدلة، وتكون تلك الأدلة صريحة الدلالة ليس فيها شك ولا تردد.