أما الصوفية ونحوهم فادعوا أن هناك أولياء، وأن أولئك الأولياء قد ارتقوا رتبة ارتفعوا بها عن رتبة الأنبياء ورتبة الرسل، وأصبحوا مقربين عند الله، وأصبحوا يأخذون من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي ينزل على الأنبياء، ويقول قائلهم: مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي فجعلوا الولي هو الأعلى، وجعلوا دونه النبي، وجعلوا الرسول أنزل الرتب، فهذا غلو منهم، حيث جعلوا الولي أرفع من النبي وأرفع من الرسول، ولا شك أن الولي هو الذي يتولى الله تعالى، يقول تعالى:{وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ}[المائدة:٥٦] ، فمن كان الله تعالى وليه، ومن تولى الله تعالى ونصر دين الله فهو من حزب الله وهو من الغالبين، ومن كان مؤمناً فهو من أولياء الله:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ}[البقرة:٢٥٧] .
وقد كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رسالة مطبوعة منتشرة اسمها: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فرق فيها بين من يدعي الولاية وليس من أهلها، وبين من يكون من أولياء الشيطان ويدعي أنه من أولياء الرحمن؛ وذلك لأن كثيراً من أولئك الذين يزعم الصوفية أنهم أولياء، هم في الحقيقة شياطين، أو أولياء للشياطين؛ وذلك لأنهم يتظاهرون للعوام بأمور الله بريء منها، فيفعلون المنكرات، ويفعلون الفواحش ويأكلون الحرام، ويدعون أنهم قد أبيح لهم ذلك، ويدعون أنهم قد سقطت عنهم التكاليف، وقد رفعت عنهم الأوامر والنواهي، وقد أبيح لهم أن يفعلوا ما يشاءون، فلا ينكر عليهم في زعم الذين يقدسونهم ويعظمونهم!