[طريقة الرافضة في الاستدلال بآيات القرآن للطعن في الصحابة]
شبه الرافضة في الطعن في الصحابة، أن الآيات التي ذكرت في المنافقين يحملونها على الصحابة رضي الله عنهم، فمثلاً: قول الله تعالى في قصة بدر: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ}[الأنفال:٥-٦] قالوا: هؤلاء جادلوا الرسول كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون، فهم كفروا بذلك، بينما الله تعالى ما كفرهم به، وإنما سماهم مؤمنين (وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون) فكيف يكفرونهم والله سماهم مؤمنين؟! نعم كرهوا مقاومة ومقابلة الكفار مخافة أنهم يقضى عليهم وهم عدة من المسلمين، ومعهم الرسول، ومعهم خيار الصحابة، ولكن الله تعالى نصرهم وأيدهم، هذه هي الكراهية والمجادلة، يعني: كأنهم يقولون: لو ذهبنا إلى العير لكان أفضل، فهل يخرجهم ذلك من الإيمان؟ ما يخرجهم، ولكن الرافضة جعلوها كدليل على أنهم كفار، فكفروهم بمثل ذلك.
أما الآية الثانية التي استدلوا بها، فهي الآية التي في آخر سورة الجمعة:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}[الجمعة:١١] قالوا: هؤلاء الذين انفضوا عن الرسول وهو يخطب وتركوه قائماً ارتدوا بذلك، والله تعالى لم يكفرهم بذلك، بل عفا عنهم، ثم نقول: من هم الذين بقوا ومن هم الذين انفضوا؟ معلوم أنهم خرجوا ينظرون إلى هذه الإبل فرجعوا وأتموا صلاتهم؛ لأنه لا يليق أن يتركوا الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قد يكون معهم بعض أهل البيت، وقد يكون معهم سلمان، وقد يكون معهم أحد الذين يمدحونهم كـ عمار وصهيب ونحوهم، فما دام كذلك فلا حجة لهم بمثل هذه الآيات التي يستدلون بها، ثم لو قدر أنهم صادقون وأن تلك الأشياء التي وقعت منهم حقيقية فهل يليق أن نكفرهم بها؟ لا يليق ذلك، خاصة وأن لهم من السوابق ما يعفى عنهم إذا صدر منهم أي ذنب من الذنوب، ولابد أنه قد تاب منه، والتوبة تجب ما قبلها، أو محيت عنه بسوابقه وبحسناته التي عملها، فسوابقهم وأعمالهم مضاعفة (لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) فالحسنات يذهبن السيئات، فكيف مع ذلك ننسى حسناتهم ونتذكر أشياء طفيفة وسيئات خفيفة، على حد قول بعضهم: ينسى من المعروف طوداً شامخاً وليس ينسى ذرة ممن أسا ينقبون الذرات والأشياء الصغيرة عليهم، وينسون فضائلهم وجهادهم، ولكنهم قوم لا يفقهون.
فعلى المسلم أن تكون عقيدته نحو الصحابة سليمة محبتهم، والترضي عنهم، والثناء عليهم، والاعتراف بما لهم من المزية، وبما لهم من السبق، ومعرفة أنهم خير قرون هذه الأمة، لا كان ولا يكون مثلهم، وأن فضائلهم لا يدركها غيرهم، فإذا اعترفنا بذلك عرفنا عندها كفر من كفرهم، وضلال من ضللهم، وبعد الذين عادوهم وناصبوهم وناصبوا كل من والاهم من أهل السنة والجماعة العداء، فما علينا إلا أن نشهر ونعلن فضائل الصحابة كما أعلنها وكما أشهرها الأئمة قبلنا، وقد تقدم أن العلماء أظهروا فضائلهم؛ فـ البخاري جعل كتاباً في صحيحه ذكر فيه فضائل الصحابة، وبدأه بفضائل الخلفاء الأربعة، وهكذا فعل مسلم رحمه الله، وهكذا فعل الترمذي، وهكذا ألف الإمام أحمد كتابه المعروف فضائل الصحابة، والكتب المؤلفة في ذلك كثيرة، وكل ذلك في الثناء على هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم، وعلى أتباعهم.
فإذا قرأ المسلم تلك الأخبار وعرف صحتها؛ عرف بذلك أن من عاداهم فهو ضال مضل خارج عن الإسلام، طاعن في عقيدة الإسلام، بل في أصل الإسلام الذي هو الكتاب والسنة.
أما ما يتعلق بأحوال هؤلاء الرافضة وأعمالهم فهم وأعمالهم والعياذ بالله في ضلال، نبرأ إلى الله منهم ومن عقائدهم ومن أعمالهم السيئة، ونتمسك بما نحن عليه إن شاء الله، ونسأل الله أن يحيينا على محبة الخير وأهله، وأن يميتنا وإخواننا المسلمين على الإسلام والتمسك بالسنة.