هنا: صفة من صفات الله تعالى وهي العلم العام، وفي هذا رد على طائفة من غلاة المعتزلة الذين يقولون: إن الله لا يعلم بالأشياء حتى تقع، ولم يعلم بها قبل أن يوجدها، يردون بذلك النصوص ويتنقصون الرب سبحانه وتعالى، وهؤلاء هم غلاة القدرية قديماً كـ معبد الجهني وغيره، يقولون: إن الأمر أنف يعني: أنه يستقبل ويستأنف ولا يعلم الشيء الذي قد مضى.
من عقيدة أهل السنة أن الله تعالى علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم، فلا يعزب عن علمه شيء:{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ}[يونس:٦١] يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، ويعلم الخفي والجلي:{يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر:١٩] ، ويعلم السر وأخفى من السر، والسر هو: ما يضمره الإنسان في نفسه ولا يبديه لأحد، وأخفى منه ما لم يخطر بباله إذا علم الله أنه سيخطر بباله، فيعلم الله أنه سيخطر له كذا وكذا مما لم يكن يظن أنه يخطر.
والأدلة على صفة العلم وقدمه كثيرة مشهورة، وقد جمعها العلماء الذين كتبوا في الصفات واستوفوا ما ورد فيها من الآيات ومن الأحاديث، وإذا عرف المؤمن أن الله تعالى موصوف بالعلم، اعتقد دخول أعمال العباد، وهو أنه علم من هو سعيد ومن هو شقي، ومن هو فاجر ومن هو تقي، ومن هو مخلط ومن هو نقي، وعلم من هو فقير ومن هو غني، ومن هو من أهل الخير ومن هو من أهل الشر؛ كل ذلك قد أحاط الله به علماً، كما قال تعالى: في هذه الآيات {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[العنكبوت:٦٢] ، {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[الأحزاب:٤٠] ، فيدخل في (كل شيء) ما لم يكن مما سيكون كما علمه الله.