[الجواب عن استدلالهم بحديث:(إذا مات ابن آدم انقطع عمله)]
وأما الحديث الذي استدلوا به، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ، فهذا -أيضاً- لا شك أنه ظاهر الدلالة، ولكن ليس المراد أنه لا ينتفع إلا بهذه الثلاثة، بل المراد: أنه لا يجري عليه، ولا يملك إلا هي؛ لكن متى تبرع له غير ولده بدعوة انتفع بها، ومتى تبرع له صديقه بصدقة عنه، أو بحجة عنه، أو بجهاد جاهده وجعل أجره لصديقه أو لقريبه فلان أو ما أشبه ذلك، فما المانع من وصولها إليه؟! بل لا شك أن ذلك يصل إليه، وقد اتفق المسلمون على أنه ينتفع بصلاتهم عليه، فإذا مات وصلوا عليه انتفع بذلك، وينتفع -أيضاً- بدعائهم له، فإذا زاروه في قبره ودعوا له انتفع بذلك، وكذلك إذا مر الإنسان على أهل القبور، وسلم عليهم، ودعا لهم؛ انتفعوا بذلك، فينتفعون من دعوات الأحياء بأشياء كثيرة تنور عليهم قبورهم، وتزداد بها حسناتهم، وتكفر بها خطاياهم، ولولا ذلك لما تصدق أحد عن أبويه، ولا تقرب عنهما بشيء.
وهذا ظاهر والحمد لله، وقد تقدم الخلاف في الانتفاع أو في إهداء الأعمال البدنية كالصلاة والصوم -الذي هو عمل بدني محض- فذكر بعضهم أنه لا ينتفع بذلك.