استشكل بعض الناس أننا أمرنا بأن نصلي على محمد كما نصلي على إبراهيم، أو نطلب من الله صلاته على محمد كما صلى على آل إبراهيم، وكيف دعي له بمثل صلاته على إبراهيم، يقول العلماء: إن المشبَه دون المشبه به، فيكون إبراهيم على هذا أفضل من محمد والأمر بالعكس، وأجاب العلماء بأن محمداً صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم، فهو واحد منهم، ولا شك أيضاً أن إبراهيم عليه السلام له ميزة وله فضائل أثنى الله عليه بها، ومدحه بها، فذكر أنه دعا الناس وهو صغير، وبكتهم ووبخهم وهو لا يزال في الفتوة، كما حكى الله عنهم:{قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ}[الأنبياء:٦٠] وذلك عندما كسر أصنامهم وهو لم يزل فتى شاباً، وذلك دليل على أنه قام بالدعوة وهو شاب.
وكذلك أيضاً وقعت له المعجزة الكبيرة، وهو أن الله تعالى جعل النار عليه برداً وسلاماً.
كذلك وهب الله له على الكبر إسماعيل وإسحاق، ولما دعا بقوله:{رَبِّ هَبْ لِي مِنْ الصَّالِحِينَ}[الصافات:١٠٠] أجاب الله تعالى دعوته ووهب له الصالحين.
كذلك أيضاً جعل الأنبياء بعده كلهم من ذريته، فأولاده أنبياء إسماعيل وإسحاق، وكذلك ابن ابنه يعقوب، وكذلك يوسف بن يعقوب، وهكذا ذرية يعقوب الذي هو إسرائيل عليه السلام، وكذا أيضاً من كان بعدهم من ذريتهم إلى أن كان نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، فالكل من ذرية إبراهيم، فهم من آل إبراهيم.
ومن فضائله: أن الله تعالى جعل على يديه بناء البيت، أمره الله تعالى أن يبنيه بعدما اندرس واندثر، قال الله تعالى:{وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ}[الحج:٢٦] مكانه يعني: موضعه، وقال تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ}[البقرة:١٢٧] فجعله الله تعالى على يديه، وأمره بأن يطهره بقوله:{وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ}[الحج:٢٦]{أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ}[البقرة:١٢٥] فهذه كلها من الخصائص والميزات، ولما كان بهذا الشرف لم يكن هناك استنكار في أن يصلى على محمد كما صلي على آل إبراهيم.