للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ بِقَرِينَةٍ، فَإِنْ حَمَلَهُ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ فَالأَكْثَرُ عَلَي الظُّهُورِ، وَفِيهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ : كَيْفَ أَتْرُكُ الْحَدِيثَ بِقَولِ مَنْ لَوْ عَاصَرْتُهُ لَحَجَجْتُهُ فَلَوْ كَانَ نَصًّا فَيَتَعَيَّنُ نَسْخُهُ عِنْدَه، وَفِي الْعَمَلِ نَظَرٌ وَإِنْ عَمِلَ بِخِلَافِ خَبَرِ أَكْثَرِ الأُمَّةِ فَالْعَمَلُ بِالْخَبَرِ إِلَّا إِجْمَاعَ الْمَدِينَةِ.

قال الشيخ أبو إِسْحَاق الشِّيرَازي: وعندي فيه نظر.

قلت: ثم هذا إذا كان المحملان مُتَنَافيين، أما إذا لم يتنافيا فالظَّاهر، أنّ من يحمل المشترك على مَعْنييه يحمل عليهما جميعًا.

"فإن حمله على غير ظاهره، فالأكثر" أنه يبقى "على الظُّهور"، ولا يلتفت إلى صنيع [الرَّاوي] (١).

"وفيه قال الشَّافعي: كيف أَتْرك الحديث لمن لو عاصرته لَحَجَجَتُهُ" - أي: قطعته وظهرت عليه بإقامتي الحجة عليه.

وعبارة الآمِدِيّ هنا: ولهذا قال الشَّافعي: كيف أترك الخبر لأقوال أقوام لو عاصرتهم لَحَجَجْتُهُمْ.

وهي أحسن، فإن الشافعي لم يقل ذلك في المسألة التي نحن فيها، وإنما قاله في قول الصَّحابي المخالف للحديث، سواء كان هو [راويه] (٢) أم غيره.

نعم هذا الكلام من الشافعي ينزل على المَسْألة التي نحن فيها؛ كما ينزل على غيرها، ولكنَّ تنزله عليها لا يوجب أن تكون هي التي لاقاها كلامه.

"فلو كان" الخبر "نصًّا" في المدلول، وقد خالفه الرَّاوي "فيتعين" حمل المُخَالفة على أنه وجد "نسخة عنده" - يعني: أنه اعتقد ذلك، وإلا لقدح فيه.

"وفي العمل نظر" - فيمكن أن يُقَال: يعمل بالخبر؛ إذ ربّما ظنّ شيئًا ناسخًا، ولم يكن، وهذا هو الأرجح.


= وحاشية البناني ٢/ ١٤٥، والمعتمد ٢/ ٦٧٠، وكشف الأسرار ٣/ ٦٥، وتيسير التحرير ٣/ ٧١، وفواتح الرحموت ٢/ ١٦١، وإرشاد الفحول ٥٩ أصول السرخسي ٢/ ٣١٠.
(١) في ب: الرازي، وهو تحريف.
(٢) في ح: رواية، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>