للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وعليه أيضًا يتنزل ما روى من قول الشَّافعي : كيف يتنزّل كلام المعصوم إلى مَنْ ليس بمعصوم.

وأن يقال: يعمل بفعل الرَّاوي؛ لأن خطأه في الناسخ بعيد، وذهب أكثر الحنفية إلى أن الاعتماد على عمل الراوي مطلقًا، دون الخبر.

وفي المسألة تفاصيل أخر لأقوام، ليس في حكايتها كثير فائدة؛ فلذلك تركها. وقد جعل المصنّف - تبعًا للآمدي - موضوع المسألة في الصَّحابي يعمل بخلاف ما رواه، لا في راوي الخبر مطلقًا، وهذا ما نصره القَرَافي.

وأما الإمام الرازي وغيره، فذكروا أن الخلاف في المسألة واقع على الرَّاوي يعمل بخلاف خبره، سواء كان صحابيًّا، أم لا إذا كان من الأئمة، وهو الصحيح، وبه صرح إمام الحرمين.

"وإن عمل بخلاف خبر أكثر الأُمّة، فالعمل بالخبر" على الصَّحيح؛ لأن أكثر الأُمّة ليسوا كل الأمة، فلا تقوم الحُجّة باتفاقهم.

قال: "إلا إجماع" أهل المَدِينة - وهذا منه بناء على أصل المالكية في أن إجماع المدينة حُجّة.

في حرف الاستثناء من كلامه مُبَاحثة، وهي: أنه كان استثناء من العمل بخبر المخالف للأكثر، والمعنى: يعمل بالخبر وإن خالفه الأكثر إلا أن يكونوا أهل "المدينة"، فمقتضاه أنّ العمل بإجماع "المدينة"، والحالة هذه مشروطة بكونهم أكثر الأمة، ولا قائل بذلك، فإن القائل [قائلان] (١):

[قائل] (٢) بأن إجماع "المدينة" حُجّة، وهذا لا يشترط فيهم كونهم الأكثر، بل يحتج بهم وإن كانوا الأقل.

وقائل: إنه غير حُجّة، وهذا لا يقدم عملهم على الخبر، وإنما يرجّح بهم معارض الخبر. على خلاف في ذلك أيضًا يأتي - إن شاء الله تعالى - ذكره في باب التَّرَاجِيح، مع أن المصنّف لم يَبْنِ على هذا، بل على أن إجماعهم حُجّة.


(١) سقط في أ، ت، ح.
(٢) سقط في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>