للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وَلْنَحْكِ نَصّ الشَّافعي على صُورته، قال في "الرسالة (١): المنقطع مختلف، فمن شاهد أصحاب رسول الله من التّابعين، فحدّث حديثًا عن رسول الله اعتبر عليه بأمور.

منها: أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث، فإن شركه فيه الحُفَّاظ المأمونون، فأسندوه إلى رسول الله بمثل معنى ما أرادوا - كانت هذه دلالة على صحة من قُبِلَ عنه وحفظه، انتهى.

ومشاركتهم له فيه ظاهرها، أن يكون أسند السّند لا يمتاز عنه بالتصريح باسم المتروك.

وقد وقع للقاضي في "التقريب" أنه نقل عن الشَّافعي؛ أنه قال في المواضع التي يقبلها من المراسيل: استحبّ قبولنا، ولا أستطيع أن أقول: إن الحجة [تثبت] (٢) بها ثبوتها بالمتصل، انتهى.

قلت: وهذا النص مَسْطُور في "الرسالة".

قال القاضي: فقد نصّ بذلك على أن القَبُول عند تلك الشروط مستحبّ لا واجب.

قلت: وهذا كلامٌ ضعيف، فلم يُرِد الشَّافعي بالاستحباب قسيم الوجوب، ولا في الأدلّة ما يكون الأخذ به مستحبًّا؛ لأنه لا تخيير في إثبات الأحكام، بل إما أن يظهر موجبها فيجب، أو لا فيحرم.

فإن كان المرسل عند الاقتران بشيء من ذلك حُجّة - وجب الأخذ به، وإلا حرم، ولا تعلّق للاستحباب بما نحن فيه.

وإنما مراده: أن الحجة فيها ضعيفة ليست كحجة المتصل. وإذا انتهضت الحُجّة وجب الأخذ لا مَحَالة، لكن الحُجَج متفاوتة، وينفعك ذلك [عند] (٣) التَّعَارض، فإذا عارضه مُتَّصل كان المتصل مقدمًا عليه.

وقال الشيخ الإمام : يحتمل أن يكون مراد الشَّافعي. أنه لا يجب العمل به بمجرّد اقترانه بمرسل آخر، وقول صحابي أو فُتْيا الأكثر، ولا يرد معها، ويطلب دليل آخر


(١) ينظر الرسالة (٤٦٥).
(٢) في ب، ثبتت.
(٣) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>