للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقيل: إنه واقف بمعنى أنه لا يدري موضوع قول القائل: افعل.

ثم نقل ناقلون استمراره على القول بالوَقفِ مع القرائن.

قال إمام الحرمين: هو زَلَل وْإن ترقّى النَّاقل إلى القرائن الحالية فهي مُكَابرة.

ثم قال: والذي أراه قاطعًا به أن أبا الحَسَن لا ينكر صيغة مُشْعرة بالوجوب نحو: أَوْجَبْت وألزمت، وإنما الذي يتردّد فيه مجرّد صيغة "افعل" من حيث [أَلْفَاه] (١) في وضع اللسان مترددًا.

ثم قال: وهذا هو التَّنبيه على سرّ مذهب أبي الحسن والقاضي وطبقة الوَاقِفِيّة.

وإلى هذا أشار المصنّف بقوله: "والخلاف عند المحقّقين في صيغة "افعل"".

واعلم أنها ترد لِمَعَانٍ:

الأول: الوجوب: ﴿أَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [سورة البقرة: الآية ٤٣].

الثاني: مطلق الندب: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ﴾ [سورة النور: الآية ٣٣].

الثالث: التّأديب؛ كقوله لعمر بن أبي سلمة (٢): "كُلْ مِمّا يَلِيكَ" (٣) وهذا المثال صحيح، وإن كان الشَّافعي نصّ على أن الآكل ممّا لا يليه مع علمه بالنهي عاص؛ وهذا لأن النَّص إنما هو في المكلّفين، والنبي إنما خاطب بهذا غلامًا دون البُلوغ، وهو تأديب مَحْضٌ.

الرَّابع: الإرشاد: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٨٢].


(١) في ب: ألقاه.
(٢) عمر بن أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومي، صحابي له اثنا عشر حديثًا، اتفقا على حديثين. وعنه: ابنه محمد وعُرْوة. ولد بـ"الحبشة"، ومات سنة ثلاث وثمانين.
ينظر: تهذيب التهذيب ٧/ ٤٥٥ (٧٥٨)، والكاشف ٣١٢، تاريخ البخاري الكبير ١٣٩، والجرح والتعديل ٦/ ٦٣٢، وأسد الغابة ٤/ ١٨٣، وتجريد أسماء الصحابة ١/ ٣٩٨، وسير الأعلام ٣/ ٤٠٦، وطبقات ابن سعد ٣/ ٢٩٧، وخلاصة تهذيب الكمال ٢/ ٢٧١.
(٣) أخرجه البخاري ٩/ ٥٢١، وكتاب الأطعمة: باب التسمية على الطعام والأكل باليمين (٥٣٧٦)، ومسلم (٣/ ١٥٩٩)، وكتاب الأشربة: باب آداب الطعام والشراب (١٠٨/ ٢٠٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>