للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

عنيت به دليلًا يفيد النَّظر في مُقَدّماته [غَلَبَة الظن] (١) بالمدلول، فحينئذ يقول: هذا القدر معارض بالمثل، وسبيله أن تقول: الدليل دلّ على أن الصِّيغة ليست للإيجاب، فإما أن يترتب عليها حينئذ ذلك وهو ظاهر، أو لا، فإما أن يكون المانع، أو لا، وأيًّا ما كان لزم أحد الأمرين كما مَرّ.

"وأيضًا: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [سورة الأعراف: الآية ١٢]، والمراد" بقوله: إذ أمرتك ما خاطب به الملائكة، وهو "قوله: ﴿اسْجُدُوا﴾ " - قدم إبليس على ترك المأمور به؛ إذ ليس المراد من قوله: ما مَنَعَك؟ الاستفهام، فيكون للذَّم، وإنما يقع الذَّم على ترك الواجب فدلّ أن اسجدوا للوجوب.

"وأيضًا: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا" لَا يَرْكَعُونَ﴾ [سورة المريلات: الآية ٤٨]، "ذم على مُخَالفة أمره" بصيغة "افعل" وهي ﴿ارْكَعُوا﴾.

"وأيضًا: تارك المأمور به عاص؛ بدليل ﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾ ". والعاصي يستحق النَّار؛ بقوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ﴾ [سورة الجن: الآية ٢٣].

ولك أن تقول: لو تم هذا لكان مخالف كل أمر عاصيًا، ويدخل فيه مخالفة المَنْدُوب؛ إذ هو مأمور به عند المصنّف والجمهور.

"وأيضًا: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ" أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ﴾ [سورة النور: الآية ٦٣]، هدّد على مخالفة الأمر "والتهديد دليل الوجوب".

وفيه [النظر] (٢) المُشَار إليه من لزوم أن الأمر للوجوب، وهو أعم من الوُجُوب والندب "واعترض" أيضًا: "بأن المخالفة" ليست ترك المأمور به، بل "حمله" - أي: حمل المأمور به - "على مخالفته من إيجاب وندب" - أي: حمل مخالفة الأمر على خلاف ما هو عليه فإن كان للوجوب، فيحمل على النَّدب، وبالعكس "وهو بعيد"، فإن [الظَّاهر] (٣) المتبادر إلى الفهم من قولنا: خالف فلان أمر فلان - أنه ترك المأمور به.

واعترض أيضًا بأن قوله: عن أمره مطلق فلا يعم، وإليه أشار بقوله: "قولهم مطلق.

قلنا: بل عام"، فإنه مفرد مضاف فيعم، وآيته صحَّة الاستثناء.


(١) في ب: علته الظن.
(٢) في أ، ت: نظر.
(٣) في أ، ت: الظن.

<<  <  ج: ص:  >  >>