"و" لنا "أيضًا أنا "نقطع بأن السَّيد إذا قال لعبده: خِطْ هذا الثوب ولو بِكِتَابة، أو إشارة فلم يفعل عُدّ عاصيًا"، فدل على أن الأمر بصيغة "افعل" للوجوب.
"ولو" هذه التي في كلام المصنف هي الدَّالة على أن ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء، وما بعدها جاء تنصيصًا على الحالة التي نظن أنها لا تندرج فيما قبلها؛ كقوله ﷺ: "رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحَرَّقٍ" (١).
واعلم أن كلًّا من هذه الأدلة التي أوردها المصنّف قُصَارى إفادته على حدثه الظَّن لغة؛ فلذلك لم يشتغل بذكر الشّبه عليه؛ لأن الظّن مع الاحتمالات المَرْجُوحة قائم، وقد اكتفى المصنّف في المسألة بالطن، وما أتى به فيه مَقْنع وبَلَاغ.
الشرح: "واستدلّ بأن الاشتراك خلاف الأصل فثبت ظهوره" - أي: كونه حقيقة - "في أحد الأربعة" التي هي الوجوب، والندب، والإباحة، والتهديد، "والتهديد، والإباحة بعيد" إذ يقتضي الأمر ترجيح الفعل قطعًا.
"والقطع بالفرق بين "نَدَبْتُك إلى أن تسقني"، وبين "اسقني"، ولا فرق إلا اللَّوم" في "اسقني"، وعدمه في نَدَبتك، "وهو ضعيف".
أما أولًا: فلأن من يجعلها حقيقةً في الندب لا يسلّم الفرق، كذا قال وفيه نظر، فقد قدّم هو أنا نقطع بأن السَّيد إذا قال لعبده: "خِطْ" ولم يفعل عُدّ عاصيًا، فليس استدلاله بقطعه ثَم أولى منه هنا.
وأما ثانيًا: وإليه أشار بقوله: "لأنهم إن سلموا الفرق فلأن نَدَبتُك نصّ" في النَّدْبِ، "واسقني محتمل" للندب والوجوب.
(١) أخرجها مالك في الموطأ ٢/ ٩٢٣، كتاب صفة النبي ﷺ (٤٩)، باب ما جاء في المسكين، وأخرجه أحمد في - المسند ٦/ ٤٣٥، ضمن مسند حواء جدة عمرو بن معاذ ﵄، والنسائي (٥/ ٨١)، كتاب الزكاة: باب رد السائل (٢٥٦٥)، وأبو داود ٢/ ١٢٦، كتاب =