للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّدْبُ: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ، فأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطعْتُمْ"، فَرَدَّهُ إِلَى مَشِيئَتِنَا.

وَرُدَّ: بِأَنَّهُ إِنَّمَا رَدَّهُ إِلَى اسْتِطَاعَتِنَا، وَهُوَ مَعْنَى الْوُجُوبِ.

مُطْلَقُ الطَّلَبِ يُثْبِتُ الرُّجْحَانَ، وَلا دَلِيلَ مُقَيِّدٌ؛ فَوَجَبَ جَعْلُهُ لِلْمُشْتَرَكِ؛ دَفْعًا لِلاشْتِرَاكِ.

قُلْنَا: بَلْ يُثْبِتُ التَّقْيِيدَ، ثُمَّ فِيهِ إِثْبَاتُ اللُّغَةِ بِلَوَازِمِ المَاهِيَّاتِ.

الشرح: واحتج قائل "الندب" بقوله : "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ رواه البُخَاري ومسلم ولفظهما.

"وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (١) "فردّه إلى مشيئتنا".

"ورد بأنه إنما [رده] (٢) إلى استطاعتنا، وهو معنى الوجوب"، وقد نصّ القاضي في "التقريب" على هذا الجواب.

الشرح: واحتج من قال: حقيقةٌ في "مطلق الطَّلب"، بأنه "يثبت الرُجْحَان، ولا دليل مقيّد" بخصوص وجوب أو ندب، "فوجب جعله للمشترك" بينهما، "دفعًا للاشتراك".

"قلنا: بل يثبت التقييد" بخصوص الوجوب والتحكُّم، فإنه إن جعل حقيقة فيهما، كان مشتركًا، أو في أحدهما مع أنه لا دليل مقيّد لزم التحكّم، فاعتمد على هذا التقرير، ولا تَظُنّن المصنّف أهمل المجاز، [كما ظنه الشَّارحون، فإن المصنّف لا حاجة به إلى ذكره، لأنه لم يجعل الّلازم الثاني لزوم المجاز] (٣) وإلا كان قوله: ولا دليل مقيّد ضائعًا؛ لأن المجاز كما يلزم التَّقييد بمعنى عدم الدليل، كذلك يلزم عند وجوده، ولهذا حيث يجعل اللَّازم الثَّاني لزوم المجاز لا يذكر، بقي دليل التقييد؛ كما قال في أول الأمر يشتركان في عام، فيجعل اللفظ لهما دفعًا للمحذورين.

قلنا: بل يثبت التقييد بخصوص الوجوب بما قدمناه من الأدلّة.


= الزكاة، باب حق السائل (١٦٦٧)، والحاكم ١/ ٤١٧، وأخرجه ابن حبان ذكره الهيثمي في موارد الظمآن ص ٢١١، كتاب الزكاة: باب إعطاء السائل ولو ظلفًا محرقًا ٨٢٥.
(١) أخرجه البخاري (١٣/ ٢٦٤)، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٢٨٨)، ومسلم (٤/ ١٨٣١)، كتاب الفضائل: باب توقيره حديث (١٣١/ ١٣٣٧) من حديث أبي هريرة.
(٢) في أ، ب: ردّ.
(٣) سقط في أ، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>