للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا: أَنَّ الْمَدْلُولَ طَلَبُ حَقِيقَةِ الْفِعْلِ، وَالْمَرَّةُ وَالتَّكْرَارُ خَارِجِيٌّ؛ وَلِذَلِكَ يَبْرَأُ بِالْمَرَّةِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّا قَاطِعُونَ بِأَنَّ المَرَّةَ وَالتَّكرَارَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، كَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرٍ، وَلا دَلالَةَ لِلْمَوْصُوفِ عَلَى الصِّفَةِ.

المرة أيضًا، وهو صحيح بمعنى أنه لا يدري أنه هل هو موضوع للمرة، أو للتكرار، أو بمعنى أنه مشترك بين المرة والتكرار؟

فهذا ما ذكره الإمام في "المحصول"، وهو مع ذلك يقول: فعل المرة متفق عليه؛ إذ هي ثابتة سواء كان الوضع لها بمفردها، أم للتكرار التي هي بعضه.

ولذلك قال المَازِرِيّ: ذهب القاضي في جماعة الوَاقِفِيّة إلى الوَقْف فيما زاد على المَرّة الواحدة؛ لأن المرة الواحدة متفق على ثبوتها، ويستحيل ثبوت الأمر دونها. انتهى.

والغرض أنه لم يقل أحد: إن المَرّة لا تعقل لا من الوَاقِفِيّة، ولا [من] (١) غيرهم.

الشرح: "لنا: أن المدلول طلب حقيقة الفعل" - وهي المَصْدر - "فالمَرّة والتَّكْرَار" بالنسبة إليه "خارجي"، فيجب أن يحصل الامتثال بوجدان الحقيقة في [أيتهما] (٢) وجد، ولا يتقيد بأحدهما دون الآخر؛ "ولذلك" - أي: ولأجل أن التكرار خارج عن مدلول الصِّيغة "تبرأ بالمَرّة".

وهذا عزاه ابنُ السَّمْعَاني إلى الأصحاب، وقال: ذكروا أن الطَّاعة والمعصية في الأوامر على مثال البِرِّ والحِنْث في الأيمان، ثم البِرّ والحِنْث في الأيمان يحصل بالفعل مرة، فكذا الطاعة والمعصية.

وقد اعترضه الشيخ الأصبهاني شارح "المحصول"؛ بأنه لا يلزم من عدم دلالة المصدر على ذلك عدم دلالة فعل الأمر عليه؛ وهذا لأن الأفعال تتميّز بخصوصها؛ كما أن الفعل الماضي دلّ على المصدر مع خصوص المعنى، وكذا المضارع، فلم قلتم: إن فعل الأمر لا يدلّ بخصوصه على زيادة على المصدر وهي التَّكرار؟.

وفيه نظر؛ لأن المرة والتَّكْرَار من صفات المصدر، وصيغة "افعل" لا تدلُّ على المصدر وإنما الذي يدلّ عليه حروفها، وهي الضَّاد والراء والباء في اضرب مثلًا.


(١) سقط في أ، ب.
(٢) في أ، ب: أيهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>