للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَوْرُ: لَوْ قَالَ: "أسْقِنِي"، وَأَخَّرَ، عُدَّ عَاصِيًا.

قُلْنَا: لِلْقَرِينَةِ.

قَالُوا: كُلُّ مُخْبِرٍ أَوْ مُنْشِيءٍ، فَقَصْدُهُ الْحَاضِر، مِثْلُ: "زَيْدٌ قَائِمٌ"، "وَأَنْتِ طَالِقٌ".

رُدَّ: بِأَنَّهُ قِيَاسٌ، وَبِالْفَرْقِ بِأَنَّ فِي هَذَا اسْتِقْبَالًا قَطعًا.

قَالُوا: طَلَبٌ كَالنَّهْيِ، وَالآمْرُ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَا.

قَالُوا: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [سورة الأعراف: الآية ١٢]؛ فَذُمَّ عَلَى تَرْكِ الْبِدَارِ.

قُلْنَا: لِقَوْلِهِ: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ﴾ [سورة الحجر: الآية ٢٩].

قَالُوا: لَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ مَشْرُوعًا، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ إِلَى وَقْتٍ مُعَيَّنٍ.

ثم أخذ يدل على فساد الوَقْف، والفور، [فأطنب] (١) في نُصْرة التراخي.

واتفق القائلون بالتَّرَاخي على نفي الإثم ما لم يغلب على الظَّن الفوات.

واختلفوا إذا مات والتَّأخير له سائغ اختلافًا ذكروه في كتاب الحَجّ وغيره، يعرف في موضعه، ولا يعترض ما ذكروه هنا؛ لأن التَّأثيم فيما إذا مات ولم يحجّ؛ لأنه أخرج المأمور عن جملة وقته، وهو العمر، فلم يفعل لا على الفور ولا التَّرَاخي، ولم يتبيّن لنا ذلك إلا بموته فعرفنا إثمه إذ ذاك.

ثم اضطرب رأي الفقهاء في وقت تأثيمه على ما هو معروف في الفِقْهِ.

واعلم أن الخلاف في مسألة الفور جار في الأمر المطلق، وإن كان أمر ندب نظرًا إلى أن الأمر هل يقتضي كون ذلك مندوبًا إليه عقيب الأمر فقط، أو يقتضي ذلك من غير تخصيص بوقت.

"لنا: ما تقدم" - في التَّكرار من أن المدلول طلب حقيقة الفعل، والفَوْر والتَّرَاخي خارجي، وأن الفور والتَّراخي من صفات الفعل، فلا دلالة له عليها.


(١) في أ، ب، ج: وأطنب.

<<  <  ج: ص:  >  >>