للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وكذلك قولنا: يقوم زيد، فيه دلالة على المستقبل عند من يجعل الفعل المُضَارع مجردًا للاستقبال.

وهذا [أوجه] (١) أقوال النُّحَاة فيه.

[فالحاصل] (٢): أنه لا يتأتى له القياس على الفعل، لأنه متعرض للزمان بذاته، فهو ذو قَرِينَةٍ، ولا كلام في ذي القَرَائن، إنما الكلام في المُجَرّد، وهو اسم الفاعل فلم يقس إلا على اسم الفاعل.

أما الفعل فإنه إما ماض، أو مضارع، وفيهما قرينة المضي والاستقبال، أو فعل أمر، وهو المقيس.

وفيه النزاع فشبهه باسم الفاعل الذي لا تعلق له بالزمان، بل هو مجرد - وذلك من محاسن المصنّف - وإنما أداه إلى ذلك تضلعه بعلم [العربية] (٣).

فإن قلت: اسم الفاعل حقيقة في الحال، فهو إذًا قرينة تقتضي الحال.

قلت: هو بذاته لا يتعرض للزمان، وإنما هو موضوع للدلالة على قيام الصّفة بالفاعل، ثم إن إطلاق الصِّفة على مَنْ لم يقم به مجاز، فكان اسم الفاعل حقيقة في الحال لذلك، فاسم الفاعل لا يدلّ على الزمان بذاته، بل بالعرض من حيث اشتماله على الفِعْلِ، عكس الفعل فإنه يراد منه وُقُوع الفعل المعيّن في الحال والاستقبال؛ ولذلك اختلف هل هو حقيقة في الحال أو الاستقبال، أو مشترك؟

أعني: المضارع الذي يشابه ما نحن فيه. وأما كونه وصفًا للفاعل، فلم يوضع له الفعل حقيقة، وإنما ذلك بالعَرْضِ. هذا الدليل، فاعتمده [دون غيره] (٤).

وقد "ردّ بأنه قياس"، واللغة لا تثبت بالقياس.

"وبالفرق بأن في هذا" - أي: في الأمر - "استقبالًا قطعًا"؛ لأن الفعل لا يصدر من المأمور مقارنًا لقول الآمر: "افعل"، بل هو متراخٍ عنه جزمًا؛ ولهذا أجمع النُّحاة على أن صيغة افعل حقيقة في الاستقبال.


(١) في أ، ب، ج: وجه.
(٢) في ج: والحاصل.
(٣) في أ، ج: القرينة.
(٤) سقط في أ، ب، ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>