للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وأما الإخبارات وسائر الإنشاءات التي يقصد بها الحاضر فلا استقبال فيهما قطعًا.

أما الإنشاء: مثل: أنت طالق؛ فلأنه لا يدل على الاستقبال، فتعيّن إرادة الحال منه، وأما الخبر: فهو إن دل على الاستقبال فدلالة مرجوحة؛ لما عرف من أن إطلاق اسم الفاعل على المستقبل مجاز؛ فلهذا حمل على حقيقته، وهو الحال، وحينئذ لا يُقَاس ما لا دلالة له على الاسْتقبال بوجه ما، وهو الإنشاء، أو ما لا دلالة مرجوحة وهو الخبر، بما وضع دالًّا على الاستقبال قطعًا، وهو الأمر.

ولقائل أن يقول: ليس المراد بالفَوْر إلَّا ما يتعقب الأمر، وإن كان [مستقلًا] (١) عنه وافعل وإن كان وضعها الاستقبال، والاستقبال حاصل وإن بادر المأمور عقب الأمر.

"قالوا: طلب كالنَّهي، والأمر نهي عن ضده، وقد تقدّما".

والجواب عنهما أيضا في مسألة التَّكرار.

قالوا: قال تعالى: ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [سورة الأعراف: الآية ١٢]، "قدم على ترك البدار" إلى الفعل، فدل على وجوبه.

"قلنا: لقوله: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ" وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ [سورة الحجر: الآية ٢٩].

وتقرير فهم الفَوْر من هذه الآية أن العامل في "إذا" هو قوله: ﴿فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾، فيصير تقدير الآية حينئذ: فقعوا له ساجدين بتسويتي إياه، فوقتُ السجود حينئذ مضيق، فامتناع تأخيره عن خَبَرِ التسوية يستفاد من امتناع تأخير المظروف عن ظرفه الزماني لا من مجرد الأمر، فاعتمد على هذا التقرير، ولا تفهم الفَوْرِيّة من تَرْتيب السُّجود على ما ذكر من الأوصاف بالفاء، فإن ذلك إنما يتم لو كانت الفاء فيه للتَّعقيب.

وقد نصَّ النحويون على أن الفاء إذا وقعت جوابًا للشرط لا تقتضي تعقيبًا.

"قالوا: لو كان التأخير مشروعًا لوجب أن يكون إلى وقت معين" واللازمُ منتفٍ؛ إذ لا إشعار في الأمر به، ولا دليل من خارج.

وبيان المُلازمة: أنه لو لم يكن إلى وقت معين لكان إما إلى وقت أصلا وهو خلاف


(١) في أ، ب، ج: مستقبلًا.
(٢) في ج: لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>