للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإجماع ويلزم منه ألا يكون الواجب واجبًا لأن التأخير لا إلى وقت يستلزم جواز ترك المأمور به، فلا يكون واجبًا، أو إلى وقت غير معيّن للمكلف، فلزم التكليف بالمحال؛ لأنه يكون مكلّفًا بالفعل.

"ورّد بأنه يلزم لو صرح بالجواز"، بأن يقول: افعل ولك التأخير؛ فإن هذا جائز إجماعًا، وما ذكر من الدَّليل جار فيه.

"وبأنه إنما يلزم لو كان التأخير متعينًا"، يعني: أن المكلف لا يجوز له الفعل في أوّل أزمنة الإمكان، فيجب تعريف وقته الذي يؤخر إليه، ويفعله فيه.

"أما في الجواز" - أي: إذا كان التأخير جائزا "فلا؛ لأنه متمكن من الامتثال" في سائر الأزمنة، فلا يلزم التكليف بالمحال.

قال أصحابنا: وقد أوجب الله - سبحانه - الوصيّةَ في ابتداء الإِسلام عند حضور الموت، ولا يعرف حضوره إلَّا بغَلَبَةِ الظّن، وقد [بنى] (١) الشَّرع إيجاب الوصيّة، كذا هنا.

"قالوا: قال الله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا" إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [سورة ال عمران: الآية ٣٤]، أوجب المسارعة إلى المغفرة التي هي فعل الله تعالى، [ويستحيل] (٢) المسارعة إلى فعل الغير، فوجب الحمل على المُسَارعة إلى أسباب المغفرة.

وامتثال الأوامر من أسباب المغفرة، فيجب المسارعة إليها، ومن جملتها فعل المأمور به، فيجب المُسَارعة إليه.

وقال: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [سورة المائدة: الآية ٤٨]، وفعل المأمور من الخيرات، فيجب الاستباق إليه، وإنما تتحقق المسارعة والاسْتِبَاقُ بالفَوْرِ.

"قلنا": ذلك "محمول على الأفضليّة"، لا على الوجوب، "وإلا" وجب الفَوْر، وإذا وجب "لم يكن مسارعًا" ومُسْتبقًا؛ لأنهما إنما يتصوّران في الموسّع دون المضيق.

ولا يقال له: [لمن] (٣) قيل له: "صُمْ غدًا" - أنه سارع إليه واستبق إذا صامه.

وأيضًا: لو وجبت المسارعة والاستباق من الاثنين لم يكن من مجرد الأمر، وليس [ذلك] (٤) مدعى الخصوم.


(١) في ج: بين.
(٢) في أ، ج: مستحيل.
(٣) في ت: فمن.
(٤) في ج: كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>