للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّارِدُونَ: مُتَمَسَّكَا الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمَانِ.

وَأَيْضًا: النَّهْيُ: طَلَبُ تَرْكِ فِعْل، وَالترْكُ: فِعْلُ الضدِّ؛ فَيَكُونُ أَمْرًا بِالضدِّ.

قُلْنَا: فَيَكُونُ الزِّنَا وَاجِبًا مِنْ حَيْثُ هُوَ تَرْكُ - لِوَاطٍ، [وَ] بِالْعَكْسِ؛ وَهُوَ بَاطِلٌ قطعًا، وَبِأَنْ لا مُبَاحَ، وَبِأَنَّ النَّهْيَ طَلَبُ الْكَفِّ لا الضِّدِّ الْمُرَادِ.

فَإنْ قُلْتُمْ: فَالْكَفُّ فِعْل، فَيَكُونُ أمْرًا بِالضدِّ - رَجَعَ النِّزَاعُ لَفْظِيًّا؛ وَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ النهي نَوْعًا مِنَ الآمْرِ؛ وَمِنْ ثَمَّةَ قِيلَ: الآمْرُ طَلَبُ فِعْل لا كَفٍّ.

وعلى الثَّاني: أن المكلّف به في النهي إنما هو فعل، لا انتفاء فعل، خلافًا لأبي هَاشِمٍ على ما عرف.

وعلى الثالث: أن الكَفّ فعل، فلا يحسن قولكم: كفّ عن فعل لا عن كفّ؛ لأن الفعل أعم من الكف.

قولكم: يلزم تصوّر الكف عن الكف لكل أمر.

قلنا: إنما يلزم لو كان النَّهي عن الضّد مقصودًا بالذّات، لا بالعرض.

"قالوا: لا يتم الواجب إلا بترك ضدّه، وهو "إما "الكَف عن ضده أو نفيه" - أي: انتفاء ضده على اختلاف الرَّأيين في أن المكلف به في النهي ما هو؟ "فيكون" الكفّ عن الضد انتفاؤه "مطلوبًا، وهو معنى النهي، وقد تقدم" منع أن ما لا يتم الواجب إلا به من عقلي، أو عرفي - واجبٌ.

نعم هو لا بُدّ منه في الإتيان بالواجب، ولا يلزم من كونه لا بُدّ منه وقوعًا أن يرد عليه الوجوب.

الشرح: "الطَّاردون" (١) حكم الأمر في النَّهي؛ حيث قالوا: النَّهي أمر بالضد: لهم "ممسَّكا القاضِي المتقدمان"، وقد عرفا تقريرًا وجوابًا.

"وأيضًا: النهي: طلب ترك فعل، والترك فعل الضدِّ"، إما أنه فعل؛ فلأن الفعل هو المقدور، وإما أنه فعل الضِّدّ؛ فلأن غير الضِّدّ لا يكون تركًا له، وهو فعل أحد الأضداد، "فيكون" النَّهي، أمرًا بالضد".


(١) أي: القائلين بأن النهي عن الشيء هو بعينه أمر بضده، كما أن الأمر بالشيء هو عين النهي عن ضده ....

<<  <  ج: ص:  >  >>