للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ومن أمثلة المسألة: قوله في الصِّبيان: "مُرُوهُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سنين" (١).

وقوله لعمر وقد طلق ابنه عبد الله امرأته: "مُرْ عَبْدَ اللهِ فَلْيُرَاجِعْهَا".

"لنا: لو كان" آمرًا بذلك الشيء "لكان" قول القائل: "مُرْ عبدك بكذا تعدَّيًا"؛ لأنه يكون حينئذ أمرًا لعبد الغير، وليس ذلك عدوانًا بالاتفاق.

"ولكان" أيضًا "يناقض قولك للعبد: لا تفعل" هذا الفعل؛ لأنه حينئذٍ يكون آمرًا للعبد بذلك الفعل، وبعدمه، وهو تناقض.

قال المصنّف في "المنتهى": ونحن نقطعُ أنه لا تناقض في ذلك.

ولقائل أن يقول على الأول: إنما يكون متعديًا لو كان أمره لعبد الغير ليس لازمًا لأمر السَّيد لعبده بذلك، ولكنه هنا لازم له؛ وهذا لأن قول القائل: مُرْ عبدك بكذا يدلّ على أمرين:

أحدهما: أمر القائل للسَّيد يأمر عبده بذلك.

والثاني: أمره هو العَبْد بذلك.

وهذا الثَّاني لازم للأول، بمعنى أن آمر القائل للعبد بذلك يتوقف على أمر السَّيد إياه به لازم له، وحينئذ لا يكون أمره للعَبْدِ تعديًّا؛ لأنه موافق لأمر السَّيد له بذلك، وهو أمر للعبد بما أمره به سيّده.

سلّمنا أنه متعدّ، لكن لا نسلّم أن التعدي لأجل أن الصِّيغة لم تقتضه، بل لوجوب المانع من ذلك وهو التصرّف في ملك الغير من غير سُلْطان عليه؛ ولهذا يمتنع أمر من لا سلطان للآمر عليه، كما قرّرتم به، وهذا المانع ليس بموجود في أوامر الشَّرع؛ لوجود سُلْطان التكليف له علينا، فلا تعدّي حينئذ.


(١) أخرجه أبو داود ١/ ١٣٣٣، كتاب الصلاة: باب متى يؤمر الغلام بالصلاة (٤٩٥، ٤٩٦)، وأحمد ٢/ ١٨٧، والدارقطني ١/ ٢٣٥، باب الأمر بتعليم الصلوات، والضرب عليها، وحد العورة التي يجب سترها (٢، ٣)، والحاكم ١/ ١٩٧. وانظر كلام الحافظ الزيلعي على ذلك الحديث في نصب الراية ١/ ٢٩٦، والحديث الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>