للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ولقائل أن يقول أيضًا على الثَّاني: إنما يلزم التَّناقض لو كان الأمر مستلزمًا للإرادة، وجاز أن يكون أحد الأمرين غير مراد فلا تناقض.

فإن قلت: [نفرض] (١) إرادته لكل منهما.

قلت: يمتنع حينئذ صدور ذَيْنك الأمرين من عاقل فضلًا عن الشَّارع، إلا عند مجوّز تكليف المُحَال، وحينئذ نقول: جاز التَّكليفُ بالنقيضين.

"قالوا" دليلين صرح بهما في "المختصر الكبير":

أحدهما: أنه "فهم ذلك من أمر الله - تعالى - رسوله بأمرنا"؛ مثل قوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: ١٣٢].

فإنا نفهم من هذا أمر الله - تعالى - لأهل بيته بالصلاة، وفهم ذلك أيضًا من أمر رسوله غيره بأمرنا كما فهمنا أمره الصَّبي بالصَّلاة، وهو ابن سبع في الحديث السَّابق.

"و" الدَّليل الثاني: أنا نفهم ذلك "من قول الملك لوزيره: قُلْ لفلان: افعل"، وإليه الإشارة بقوله: ومن قول اليلك لوزيره: قل لفلان: افعل.

وقوله: قل لفلان: افعل معمول لقوله: قول الملك لوزيره خاصّة.

"قلنا" جوابًا عن الدَّليلين جميعًا: إنما فهم ذلك من أمر الله - تعالى - رسوله ، ومن قول الملك لوزيره، "للعلم بأنه" - أي: بأن المأمور في الجميع "مبلّغ" ما أمر الله - تَعَالى - نبيه فلقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة: ٦٧].

وأما أمر النبي غيره بأمرنا بشيء فظاهر؛ لأن غيره لا أمر له علينا إلَّا بأمره وهو مبلّغ عنه.

وأما قول الملك لوزيره: قل لفلان: افعل، فغير محلّ النزاع علي ما عرفت (٢).


(١) في أ: تعرض.
(٢) في حاشية ج: من أن محل النزاع: مر فلانًا بكذا، لا قل له: افعل كذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>