فهم يسلمون الملازمة، ويمنعون بطلان التالي لصحة صوم يوم العيد عندهم، والخروج به عن عهدة النذر لو نذره، وقد أقاموا على ذلك الأدلة التي مر ذكرها. واستدل القاضي أبو بكر على بطلان مثل الصلاة في الأرض المغصوبة، وسقوط التكليف عندها لا بها: - بأن المصلى في حال غفلاته ليس قائمًا بحقيقة العبادة، وما يجري من أركان الصلاة في استمرار الغفلة معتدّ به وإن كان المأمور به عبادة؛ "وإيضاحه": أن صورة العبادة التي يؤديها المكلف مع الغفلة ليست عبادة، فلا يمكن القول بصحتها وسقوط التكليف بها، لكن أجمعت الأمة على عدم مطالبة صاحبها بالإعادة أو القضاء، وما ذلك إلا لسقوط التكليف عندها، والصلاة في الأرض المغصوبة قامت الأدلة على بطلانها، فلا يسقط التكليف بها، وقد أجمعت الأمة على عدم مطالبة صاحبها بالقضاء أو الإعادة، فيكون التكليف ساقطًا عندها، وإن لم يسقط بها، كصلاة من عنده غفلة. قال إمام الحرمين في البرهان: - هذا وإن كان له وقع مما ذكره غيره فلست أراه لازمًا أصلًا. فإن الأمة مجمعة على أنَّهُ لا يجب إيقاع أركان الصلاة على حقائق العبادات، وإنما تكفي النية المقترنة بالعقد، وينسحب حكمها. لهذا سلك القاضي مسلكًا آخر قال: أسلّم أن الصلاة في الأرض المغصوبة لا تقع مأمورًا بها، ولكن يسقط التكليف بالصلاة عندها، كما يسقط التكليف بأعذار تطرأ كالجنون وغيره - قال إمام الحرمين: وهذا غير لائق بمنصب هذا الرجل الخطير؛ فإن الأعذار التي ينقطع بها الخطاب محصورة، فالصبر إلى سقوط الأمر غير متمكن من الامتثال ابتداء ودوامًا بسبب معصية لابسها، لا أصل له في الشريعة، ثم غاية القاضي في مسلكه هذا ادعاء الإجماع على سقوط الأمر عمن يقيم الصلاة في الأرض المغصوبة، وهو غير مسلّم مع ظهور خلاف السلف. اهـ وفضلًا عن هذا فقد ذهب القاضي بذلك إلى ما لا يعقل؛ إذ كيف يعقل أن مطلوبا يسقط طلبه إذا فعل لا على وجهه المشروع؟. واستبعده أيضًا الإمام الرازي قائلًا: إن سقوط الطلب يكون بالامتثال أو النسخ، وكلاهما منتف. "المختار": مما سبق يظهر قوة أدلة الجمهور على جواز اجتماع الأمر والنهي في الواحد الشخصي ذي الجهتين المنفكتين، وصحة مثل الصلاة في الدار المغصوبة من كل ما نهى عنه لأمر مقارن منفك؛ وقد ردت المناقشات الواردة على أدلتهم، وبالعكس، ومن هذا ظهر ضعف أدلة =