وصرح في الأم بقوله: مما نهى عنه رسول الله ﷺ فكان على التحريم لم يختلف أكثر العامة فيه: أنه نهى عن الذهب بالورق إلّا هاء وهاء، وعن الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثلا يدًا بيد، ونهى عن بيعتين في بيعه، فقلنا والعامة معنا: إذا تبايع المتبايعان ذهبا بورق أو ذهبا بذهب فلم يتقابضا قبل أن يتفرقا فالبيع مفسوخ. وكانت حجتنا أن النبي ﷺ لمّا نهى عنه صار محرمًا. وإذا تبايع الرجلان بيعتين في بيعة فالبيعتان جميعًا مفسوختان ما انعقدت، وهو أن يقول أبيعك على أن تبيعني، لأنه إنما انعقدت العقدة على أن ملك كل واحد منهما عن صاحبه شيئًا ليس في ملكه. ونهى النبي ﷺ عن بيع الغرر، ومنه أن أقول سلعتى هذه لك بعشرة نقدًا أو بخمسة عشر إلى أجل، فقد وجب عليه بأحد الثمنين، لأن البيع لم ينعقد بشيء معلوم، وبيع الغرر فيه أشياء كثيرة نكتفي بهذا منها ونهى النبي ﷺ عن الشغار والمتعة. فأجرينا النهي مجرى واحدًا إذا لم يكن عنه دلالة تفرق بينه، ففسخنا هذه الأشياء والمتعة والشغار، كما فسخنا البيعتين" اهـ. أما تحصيل القول الثاني عند الحنفية فالأصل عندهم في النهي عن الشرعيات أن يقتضي القبح لغير المنهى عنه فيقتضي أن يكون المنهى عنه الشرعي صحيحًا ومشروعًا بأصله فاسدًا ومحرمًا بوصفه هذا إن كان مطلقًا أو مقيدًا بما يفيد أنه للوصف اللازم، فاسدًا ومحرمًا بوصفه هذا إن كان مطلقًا أو مقيدًا بما يفيد أنه للوصف اللازم. وعلى هذا فالخلاف بين الحنفية والشافعي في مسألتين: "المسألة الأولى" أن النهي عن الشرعيات عبادات ومعاملات بلا قرينة يقتضي القبح والتحريم لذات التصرف عن الشافعية فيكون غير مشروع لا بأصله ولا بوصفه، ويسميه الشافعية فاسدًا وباطلًا. وما عند الحنفية فإنه يقتضي القبح والتحريم لغيرة وصفًا لازمًا، فيكون التصرف صحيحًا ومشروعًا بأصله، فاسدًا وغير مشروع بوصفه، وتترتب عليه الأحكام الشرعية المقصودة من شرعية التصرفات، ما لم يكن حكم النهي منافيًا لحكم التصرف الشرعي، فإن كان منافيًا له أبطله. إذا يفقد التصرف فائدته حينئذٍ. "المسألة الثانية" إذا بينت القرينة على أن النهي أفاد قبحًا في غير المنهى عنه وكان ذلك الغير وصفًا لازمًا، فحكمه حكم القبيح لنفسه عند الشافعية، فيكون التصرف باطلًا بأصله ووصفه أيضًا: إذ النهى عن الوصف يضاد مشروعية الأصل عندهم. وعند أبي =