للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأحكام [ليس] (١) جزءًا من الموضوع، ولا بالالتزام؛ لأن الذهن لا ينتقلُ عند سَمَاعِ النَّهي إلى فهم سلب الأحكام، فانتفت الثلاث، فانتفت الدلالة اللغوية.

"وأما كونه يدل شرعًا، فلأن العلماء لم تزل تستدلّ على الفساد بالنهي في الرِّبويات والأنكحة وغيرها" شائعًا ذائعًا من غير نَكِيرٍ، فكان إجماعًا منهم على الدّلالة الشرعية.

"وأيضًا": فإنه "لو لم يفسد" للنَّهي عنه شرعًا "لزم من نفيه حكمة للنَّهْيِ"؛ لكونه مطلوب الكَفّ، "ومن ثبوته حكمة للصِّحة، واللازم باطلٌ" فالملزوم مثله.

بيان المُلَازمة: أن النهي طلبُ التَّرك، فلو لم يكن لحكمة كان عبثًا، وهو قبيح عند المعتزلة، وعندنا غير واقع؛ لأنا وإن جوزنا خلوّ الأحكام عن الحكم فلا نقول: وقع شيء إلا على وفق الحِكْمَةِ، ولو سلّم خلوّ بعضها فهو نادر، والحكم للغالب، وأما انتفاء اللازم فلأن حكمتي النهي والصحة؛ إما أن يكونا متساويين، أو يترجّح حكمة الصّحة أو بالعكس، والأقسام باطلةٌ؛ "لأنها" "في" قسمي "التَّسَاوي" "ومرجوحية النهي"، "ويمتنع النّهي لخلوّه عن الحِكْمَةِ" الراجحة حينئذ.

"وفي رجحان النهي"، ومرجوحيّة الصِّحة "تمتنع الصِّحة لذلك" - أي: لخلوها عن الحكمة الرَّاجحة والمساوية.


= نقيض اقتضاء الأمر للصحة ألّا يقتضي النهي الصحة، فإذا كان الأمر دالًّا على الصحة، وسلمنا التقابل بين أحكام المتقابلين؛ فإنه يلزم منه أن يكون النهي غير دال على الصحة، وهو أعم من دلالته على البطلان، والأعم لا يستلزم الأخص.
ويمكن أن يقال على هذا الوجه الثالث من المناقشة: إنه مع تسليم أن المتقابلات يجب تقابل مقتضياتها يجب التسليم بأن مقتضى النهي عدم الصحة، وهو البطلان، فالقول بأن نقيض اقتضاء الأمر الصحة، عدم اقتضاء النهي الصحة لا يتفق مع هذا التسليم، بل هو رجوع إلى منع أن المتقابلات يجب تقابل مقتضياتها؛ لأنه عليه يكون الأمر مقتضيًا للصحة، والنهي ليس مقتضيًا لها، فلا يكون مقتضاهما متقابلًا، فيرجع إلى الوجه الثاني.
من مناقشة الأدلة السابقة، وبيان بطلانها يتبين بطلان الرأي المستند إليها، والقائل بدلالة النهي على بطلان التصرفات الشرعية من جهة اللغة. قاله شيخنا عبد المجيد محمد فتح الله.
(١) في أ، ج: ليست.

<<  <  ج: ص:  >  >>