"ونوقش" من قبل الجمهور بأنا لا نسلم صحة احتجاجهم على البطلان بدلالة النهي لغة، بل إنما كان ذلك بتوقيف من الشارع، وستأتي الأدلة الدالة على ذلك. وأما الحنفية فيمنعون استدلال الصحابة على البطلان في هذه التصرفات بنفس النهي؛ فإنهم إنما يستدلون به على مجرد التحريم، أما البطلان حيث وجد مع النهي فهو لدليل آخر. "وأمَّا المعقول" فوجهان: - "الأول": أجمع العلماء على حمل بعض التصرفات المنهى عنها على البطلان كبيع المضامين والملاقيح، ولو لم يكن ذلك مقتضى النهي لكان الأمر خارجًا، والأصل عدمه، فيلزم من ذلك البطلان حيث وجد النهي، وإلا كان فيه نفي المدلول مع تحقق دليله، وهو ممتنع. "ونوقش" من قبل الجمهور - بان البطلان في محل الإجماع إنما كان للتوقيف من الشارع، لا لأنه مدلول النهي لغة. ومن قبل الحنفية - بأنه إنما كان لدليل مستقل أفاد الشرطية أو الركنية، فيبطل التصرف بفقدهما. "الثاني": كل من الأمر والنهي للطلب والاقتضاء، والأمر لطلب الفعل، والنهي بخلافه، فهو لطلب الترك، فهما متقابلان، والأمر يفيد الصحة، فليكن النهي دليل البطلان المقابل للصحة، ضرورة أن النهي مقابل للأمر. "ونوقش" بأوجه ثلاثة: - الأول: وهو للجمهور - سلمنا أن النهي مقابل للأمر، وأنه يجب أن يكون حكمه مقابلًا لحكم الأمر، لكن الأمر إنما يفيد الصحة شرعًا لا لغة؛ إذ هو في اللغة ليس إلّا لطلب إيقاع الفعل من غير إشعار بترتب الثمرات، فيكون النهي مفيدًا للمقابل، وهو البطلان شرعًا لا لغة، وهو غير مدعاكم. الثاني: وهو من قبل الحنفية - سلمنا أن الأمر يفيد الصحة، لكن نمنع أن المتقابلات يجب أن تقابل كل أحكامها، فلا نسلم أن مقتضى النقض نقض المقتضى؛ لجواز الاشتراك في لازم واحد. الثالث: وهو من قبل الحنفية أيضًا - سلمنا أن المتقابلات يجب أن تتقابل أحكامها، لكن