هذا هو ما ذكره بعض المشايخ توجيهًا لقول الحنفية بصحة النوافل في هذه الأوقات. وقد ناقش الكمال هذا التوجيه فقال ما حاصله: - إن محصل هذا التوجيه أن النهي يتعلق بمسمى الصلاة، ومسمّاها مجموع الأركان، وبمجرد الشروع لا تتحقق الأركان، فلم يتحقق المنهى عنه، فصح الشروع لعدم تعلق النهي به، فيلزم القضاء بالإفساد وهو مدفوع؛ إذ كون مسمّى الصلاة لا يتحقق إلا بالأركان، ولا يقتضي وجوب القضاء بالإفساد؛ لأن وجوب القضاء بوجوب الإتمام قبل الإفساد، والثابت نقيضه، وهو حرمة الإتمام بالنهي. كما يلزم عليه أيضًا أن تفسد الصلاة بعد ركعة؛ لارتكاب المنهى عنه حينئذ، وهو منتفٍ عندهم، فالوجه ألّا يصح الشروع؛ لانتفاء فائدته من الأداء والقضاء، ولا مخلص لهم من هذه المناقشة إلّا بجعل كراهة الصلاة النافلة في الأوقات الثلاثة المكروهة تنزيهية، وهي لا تنافي الصحة والمشروعية، غير أنه لم يقل به إلّا بعض من لا يعول على قوله. وأمّا "الشافعي" رحمه الله تعالى فقال: إنّ هذه الأوقات المكروهة لا ينهى عن الصلاة فيها على الإطلاق، بل عن بعض أنواع منها، وما ورد فيها من النهي المطلق حمل على ذلك البعض، فالنهي والكراهة إنما هما لكل صلاة ليس لها سبب خاصّ متقدم أو مقارن لوقت النهي، وهي النوافل المطلقة. =