للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= يكون لبعضها اسم الصلاة، وإنما ينطلق الاسم عند انضمام هذه الأجزاء بعضها إلى بعض بأن يقيد الركعة بالسجدة، وصارت الركعات بعد ذلك أجزاء متجانسة، فكان لركعة واحدة اسم الصلاة، ولهذا لو حلف ألّا يصلي فشرع في الصلاة لا يحنث ما لم يقيّد الركعة بالسجدة، ومن انتقل من الفرض إلى النفل قبل تمامه لا يجعل متنفلًا ما لم توجد منه السجدة لأن ما دون الركعة ليس بصلاة، والنهي ورد عن الصلاة في هذه الأوقات فلم يكن الشروع فيها منهيًا عنه، ولا القيام والقراءة والركوع، وإنما يتوجه النهي إلى هذا الفعل عند وجود السجدة فما مضى قبل ذلك انعقد عبادة محضة غير منهى عنها، فإبطالها حرام، وصيانتها واجبة، ولا تحصل الصيانة دون المضيّ، فكان المضي في حق ما مضى امتناعًا عن إبطال العمل وهو واجب، وفي حق ما يستقبل تحصيل طاعة وتحصيل معصية، فكان المضيّ طاعة ومعصية وامتناعًا عن معصية، وهي إبطال العبادة، وترك المضيّ امتناع عن معصية وطاعة وتحصيل معصية، وهي إبطال عبادة محضة، فترجحت جهة المضيّ على جهة القطع، فإذا قطع الصلاة فقد قطع عبادة وجب عليه المضيّ فيها؛ فيلزمه القضاء.
هذا هو ما ذكره بعض المشايخ توجيهًا لقول الحنفية بصحة النوافل في هذه الأوقات.
وقد ناقش الكمال هذا التوجيه فقال ما حاصله: -
إن محصل هذا التوجيه أن النهي يتعلق بمسمى الصلاة، ومسمّاها مجموع الأركان، وبمجرد الشروع لا تتحقق الأركان، فلم يتحقق المنهى عنه، فصح الشروع لعدم تعلق النهي به، فيلزم القضاء بالإفساد وهو مدفوع؛ إذ كون مسمّى الصلاة لا يتحقق إلا بالأركان، ولا يقتضي وجوب القضاء بالإفساد؛ لأن وجوب القضاء بوجوب الإتمام قبل الإفساد، والثابت نقيضه، وهو حرمة الإتمام بالنهي.
كما يلزم عليه أيضًا أن تفسد الصلاة بعد ركعة؛ لارتكاب المنهى عنه حينئذ، وهو منتفٍ عندهم، فالوجه ألّا يصح الشروع؛ لانتفاء فائدته من الأداء والقضاء، ولا مخلص لهم من هذه المناقشة إلّا بجعل كراهة الصلاة النافلة في الأوقات الثلاثة المكروهة تنزيهية، وهي لا تنافي الصحة والمشروعية، غير أنه لم يقل به إلّا بعض من لا يعول على قوله.
وأمّا "الشافعي" رحمه الله تعالى فقال: إنّ هذه الأوقات المكروهة لا ينهى عن الصلاة فيها على الإطلاق، بل عن بعض أنواع منها، وما ورد فيها من النهي المطلق حمل على ذلك البعض، فالنهي والكراهة إنما هما لكل صلاة ليس لها سبب خاصّ متقدم أو مقارن لوقت النهي، وهي النوافل المطلقة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>