للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= البطلان يحصل مع النقصان، وإنما قالوا بجواز عصر اليوم عند تغير الشمس واصفرارها لما تقرر في الأصول من أن سبب وجوب الصلاة هو الوقت، لكن لا يمكن أن يجعل كل الوقت سببًا للوجوب؛ لأنه لو كان كله سببًا له لوقع الأداء بعده؛ لوجوب تقدم السبب على المسبب بجميع أجزائه، كما أنه لا دليل على قدر معيّن منه كالربع والخمس مثلًا، فوجب أن يجعل بعض منه سببًا، وأقل ما يصلح لذلك هو الجزء الذي لا يتجزأ، والجزء السّابق لعدم ما يزاحمه أولى، فإن اتصل به الأداء تعيّن لحصول المقصود من الأداء، وإن لم يتصل به الأداء ينتقل إلى الجزء الذي يليه وهكذا إلى أن يضيق الوقت، ولم يتقرر على الجزء الماضي؛ لأنه لو تقرر كانت الصلاة في آخر الوقت قضاء، وليس كذلك، فكان الجزء المتصل بالأداء أو الجزء المضيق أو كل الوقت إن لم يقع الأداء فيه هو السبب؛ لأن الانتقال من سببية الكل إلى الجزء كان لضرورة وقوع الأداء خارج الوقت على تقدير سببية الكل، وقد زالت فيعود كل الوقت سببًا، ثم الجزء الذي يتعين سببًا للصلاة تعتبر صفته من الصحة والفساد، فإن كان صحيحًا بألّا يكون موصوفًا بالكراهة ولا منسوبًا إلى الشيطان كوقت الظهر وجب المسبب كاملًا، فلا يتأدى ناقصًا، وإن كان السبب ناقصًا بأن كان منسوبًا إلى الشيطان كالعصر إذا استأنفه في وقت الاصفرار وجب الفرض فيه ناقصًا تبعًا لنقصان سببه، فيجوز أن يتأدى ناقصًا؛ لأنه أداه كما وجب، بخلاف غيره من الصلوات الواجبة بأسباب كاملة، فإنها لا تقضي في هذه الأوقات؛ لأن ما وجب كاملًا لا يتأدّى ناقصًا، وبخلاف ما إذا بدأ في صلاة الصبح قبل طلوع الشمس فطلعت. وهو يصلي حيث تبطل الصلاة؛ لأنها وجبت كاملة، فلا تتأدى بالناقص الواقع عند طلوع الشمس.
قال السرخسي في الفرق بين صلاة عصر اليوم عند الاصفرار فغابت الشمس وهو يصلي، وصلاة الصبح فطلعت الشمس وهو يصلي حيث صحت الأولى وبطلت الثانية: - إن الطلوع بظهور حاجب الشمس وبه لا تنتفي الكراهة، بل تتحقق فكان مفسدًا للفرض، والغروب بآخره، وبه تنتفي الكراهة؛ فلم يكن مفسدًا للعصر.
"أمّا النوافل" فالصلاة النافلة التي يشرع فيها الإنسان في هذه الأوقات الثلاثة: قال الحنفية: إنها صحيحة تلزم بالشروع فيها وتضمن بالقطع، حتى لو قطعها وجب عليه القضاء، وينبغي أن يقطعها ويقضيها في وقت تحل فيه الصلاة تخلّصًا من الكراهة، فإن قضاها في وقت آخر مكروه أجزأه وقد أساء؛ لأنه لو أتمها في ذلك الوقت أجزأه مع الإساءة، فكذا إذا قضاها في مثل ذلك الوقت. وقال زفر: إن قطعه لا يضمن، وهو رواية عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى؛ لأنها منهى عنها؛ فلم تجب صيانتها عن البطلان. "ووجه القول الأول" - وهو ظاهر الرواية - أن الصلاة تركبت من أجزاء مختلفة غير متجانسة من قيام وركوع وسجود، فلا =

<<  <  ج: ص:  >  >>