للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وبيع الخَمْر (١) (٢).


= بكذا، أو إذا لمسته أو نبذته.
وهذه البيوع الباطلة لا تفيد حكمًا ما من أحكام البيع الصحيح، فلا تستعقب انتقال ملك، ولا جواز تصرف ولا انتفاع، فيجب على كل من العاقدين أن يردّ لصاحبه ما أخذه بموجب هذا العقد من عوض، فإن تصرف فيه فقد تصرف في غير ما يملك، وهذا باتفاق من الفقهاء. قاله شيخنا عبد المجيد محمد فتح الله.
(١) في أ، ج: الحر، وفي ب: الحر.
(٢) رَوَى جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمعَ رَسُول اللَّهِ يَقُولُ عَامَ الفَتْحِ وَهُوَ بـ "مَكَّة": "إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ وَالمَيْتَةِ والخنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ، فَإِنَّهُ يُطْلَى بِها السُّفُن، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلود، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ: "لَا، هُوَ حَرَامٌ" ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَها، جَملُوه، ثُمَّ بَاعُوه، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ".
هذا حديث صحيحٌ، وهذا الحديث دليل على تحريم بيعها.
وكما لا يجوز بيعها يحرم سائر التصرفات فيها كبيعها على أهل الذمة فهو حرام كما هو حرام على المسلم. وقال أبو حنيفة: لا يحرم ذلك عليهم. قال المتولي: المسألة مبنية على أصل معروف في الأصول، وهو أن الكافر عندنا مخاطب بفروع الشريعة، وعندهم ليس مخاطبًا بها، وبيع الخمر بيع مقايضة: أي بيع عَرْض بعرض كأن يبيع ثوبًا بخمر، فالبيع فاسد للنهي عنه؛ إذ أحد البدلين - وهو الخمر - واجب الاجتناب، فلا يجوز تسليمه وتسلمه لكنها في ذاتها مال؛ إذ المال ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة، وهي بهذه المثابة، إلّا أنها غير متقوِّمة؛ لأن المتقوم ما كان واجب الإبقاء إمّا بعينه وإمّا بمثله أو قيمته، فصلحت ثمنًا من حيث إنها مال، ولم تصلح مبيعة من حيث إنها ليست بمتقومة، فلا يمتنع أصل الانعقاد؛ لأن ما هو ركن العقد وهو الإيجاب والقبول الصادر من الأهل صادف محله وهو المبيع من غير خلل في الركن ولا في المحل، وإنما الخلل فيما هو جارٍ مجرى الوصف وهو الثمن؛ لأن الأصل في البيع هو المبيع دون الثمن؛ إذ المقصود من شرعية البيع الوصول إلى ما يحتاج إليه من الانتفاع بالأعيان لا بالأثمان: إذ ليس في ذوات الأثمان نفع إلّا من حيث إنها وسيلة إلى الأعيان، فكان المبيع هو المقصود الأصليّ والثمن تابع بمنزلة الوصف، فكان مشروعًا بأصله دون وصفه فكان فاسدًا، وإنما اعتبر الخمر ثمنًا ومقابله مبيعًا - دون العكس وإن كان ممكنًا - لما فيه من الاحتياط للقرب من تصحيح تصرف العقلاء المكلفين.
أمّا إذا بيعت الخمر بالنقد كالدراهم والدنانير فالبيع باطل؛ لتعين النقد للثمنية وكون الخمر =

<<  <  ج: ص:  >  >>