ويبطل بيع اللبن في الضرع؛ لأنه يتنازع في كيفية الحلْب في الاستقصاء وعدمه، وهو نزاع في التسليم والتسلّم، وما وضعت الأسباب إلّا لقطعه؛ ولأن اللّبن يزداد لحظة فلحظة، والبيع لم يتناول الزيادة لعدمها عنده فيختلط المبيع بغيره، واختلاط المبيع بما ليس بمبيع من ملك البائع على وجه يتعذر تمييزه مبطل للبيع؛ لاستحالة التسليم بغير ضرر، وقد صح نهى النبيّ ﷺ عنه، وذلك أنّ الطبراني روى بإسناده عن ابن عبّاس ﵄ قال: "نهى ﷺ أن تباع ثمرة حتى تطعم، ولا يباع صوف على ظهر، ولا لبن في ضرع" فعرف بذلك أن كل ما بيع في غلافه لا يجوز، كاللبن في الضرع واللحم في الشاة الحيّة أو شحمها أو أَلْيَتها أو أكارعها أو جلودها، أو دقيق في هذه الحنطة، أو سمن في هذا اللبن، ونحو ذلك من الأشياء التي هي في غلفها ولا يمكن أخذها وتسليمها إلّا بإفساد الخلقة، وما صح بخلافه فهو مستثنى لدليله. وبيع المدبر وأم الولد والمكاتب باطل؛ للمنافاة بين استحقاق العتق وثبوت الملك بالبيع؛ إذ استحقاقه جهة حرية لا يدخل عليها الإبطال، وثبوت الملك يبطلها، واستحاق العتق ثابت لأم الولد بقوله ﵊: "أعتقها ولدها" فينتفي الآخر. وكذلك المنافاة حاصلة بين انعقاد سبب الحرية في حق المدبّر المطلق وبين ثبوت الملك بالبيع؛ لتنافي اللوازم؛ لأن الملك مع الحرية لا يجتمعان، فكذلك سبب الحرية والبيع، وأحد المتنافيين وهو سبب الحرية ثابت في الحال؛ فيمتنع البيع. وكذلك بين استحقاق المكاتب يدًا على نفسه لازمة في حق المولى، وثبوت الملك منافاة، واستحقاق اليد اللازمة في حق المولى ثابت؛ لأنه لا يملك فسخ الكتابة دون رضا المكاتب؛ فيبطل البيع. والبيع بإلقاء الحجر والملامسة والمنابذة باطل؛ في الصحيحين من حديث أبي هريرة ﵁ أنّ النبيّ ﷺ "نهى عن الملامسة: والمنابذة" والملامسة أن يلمس كل منهما ثوب الآخر بغير تأمل، فيلزم اللّامس البيعُ من غير خيار له عند الرؤية، كأن يكون في ظلمة، أو يكون مطويًا مرئيًا، ويتفقا على أنه إذا لمسه فقد باعه، والمنابذة: أن يَنْبِذَ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر، ولم ينظر كل واحد منهما إلى ثوب صاحبه متفقين على جعل النبذ بيعًا. ويلحق بهما إلقاء الحجر، وهو أن يلقى حصاة وثمة أثواب، فأي ثوب وقع عليه كان المبيع بلا تأمل ولا روية ولا خيار. والمعنى الذي من أجله توجه النهي عن هذه البيوع فأفاد بطلانها ما في كل منها من فقد الركن وهو الإيجاب والقبول؛ فإنه في معنى إذا وقع حجري على ثوب فقد ابتعته منك أو بعتنيه =