للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الرَّابع: الخارج المُفَارق فلا يمنع الصحة عند الأكثرين.

الثانية: لا يخفى عليك ما قَدّمناه من أن الشَّرعي ليس معناه المعتبر، وأن الصّحة والفساد يَعْتَوِرَان الماهيات الشرعية، وأنّ الأسماء الشَّرعية موضوعةٌ للقدر الأعم من الصحيح والفاسد، وإلا فلو اختصت بالصحيح كان النَّهي عنه هو الصحيح؛ لأن اللفظ محمول على الشرعي، فيتّجه قول من يقول: مقتضى النَّهي الصّحة.

وهذا فصل لم أَرَ أَحدًا خصّه بالذّكر، وإنما وقع مذكورًا في إدراج كلام أئمتنا. قال الإمام في "النهاية" في كتاب "الخُلْع" في فصل: لو قال: إن أعطيتني ألفًا - بعد أن حكى وجهين فيما لو قال: إن أعطيتني هذا العَبْد المغصوب فأنت طالق، وبناهما على ما إذا لم يذكر المغصوب، وأنه إن قلنا: لا يقع الطَّلاق هناك -: فهنا وجهان:

أحدهما: لا يقع، فإن الإعطاء في المَغْصوب غير مُمْكن، فكان تعليقًا على مستحيل؛ كما لو قال لامرأته: إن بعت الخَمْر فأنت طالق، أو إن صلّيت محدثةً، فإذا أتت بصورتها لم يقع الطَّلاق على مذهب الشافعي.


= ولم يشتهر ذلك النهي إلى زمان عمر، فلما بلغ عمر النهي نهاهم.
وقال شيخنا: البيع المتضمن التفريق بين مملوكين صغيرين: أحدهما ذو رحم محرم من الآخر، وكذلك إذا كان أحدهما كبيرًا، إذ قد توعد النبيّ من يفرِّق بين الأم وولدها بأن يفرِّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة، كما قد أمر في الحديث الآخر بالإدراك والارتجاع وعدم التفريق ومثار النهي فيه ما في بيع أحدهما من قطع الاستئناس والمنع من التعاهد، وفيه ترك المرحمة على الصغار، وهو قد ينفك؛ لجواز أن يحصل الجمع بالهبة أو بيع الآخر مثلًا، وعن أبي يوسف في البيع المتضمن للتفريق بين الأخوين أنه يحرم في قرابة الولاء لقوتها وضعف غيرها، وعنه أنه يحرم في جميع ذلك؛ لما روى من قوله لعليّ: أدرك أدرك، ولزيد بن حارثة: أردد، أردد؛ فإن الأمر بالإدراك والرّد لا يكون إلا في البيع الفاسد.
ولأبي حنيفة ومحمّد: أن ركن البيع صدر من أهله مضافًا إلى محله، والنهي إنما هو لمعنى مجاور وهو الوحشة الحاصلة بالتفريق، فكان كالبيع عند النداء، والجواب عن الحديث: أنه محمول على طلب الإقالة، أو بيع الآخر ممّن باع منه أحدهما.
ويرى "الكمال" أن هذه البيوع فاسدة؛ إذ يقول: "إن هذه الكراهات كلها تحريمية؛ إذ لا نعلم خلافًا في الإثم". قاله شيخنا عبد المجيد محمد فتح الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>