إن بيع أم الولد لا يجوز. قال الشافعي: كما لا يجوز هبتها ولا رهنها ولا الوصية بها. هكذا قطع به الأصحاب، وتظاهرت عليه نصوص الشافعي. ونقل الخراسانيون فقال جمهورهم: ليس للشافعي فيه اختلاف. وقال كثيرون من الخراسانيين: للشافعي قول قديم أنه يجوز بيع أم الولد. فعلى هذا القديم هل تعتق بموت السيد؟ فيه وجهان: أحدهما: لا: وبه قال صاحب التقريب وأبو علي السنجي. الثاني: نعم وهو أصحهما قاله الشيخ أبو محمد والصيدلاني وغيرهما كالمدبر، قال إمام الحرمين: وعلى هذا قد يحتمل أن تعتق من رأس المال، ويحتمل أن تعتق من الثلث. وإن قلنا بالمذهب ألا يجوز بيعها فقضى قاض بجوازه فطريقان: أحدهما: وهو الذي نقل أبو علي السنجي في التلخيص وإمام الحرمين وصاحب البيان وغيرهم أن في نقض قضائه وجهين: والطريق الثاني: أن ينقض وجه واحد. وهو الذي نقله الروياني عن الأصحاب، ولم يحك غيره. قالوا: لأنه مجمع عليه الآن، وما كان من خلاف في القرن الأول فقد ارتفع، وصار الآن مجمع على بطلان بيعها. وقد حلى الأصحاب عن داود جواز بيعها مع قولهم: إنه على بطلانه الآن فكأنهم لم يعتدوا بخلاف داود على ما هو الأصح من أنه لا يعتد بخلافه ولا خلاف غيره من أهل الظاهر؛ لأنهم نفوا القياس، وشرط المجتهد أن يكون عارفًا بالقياس. وقالت الشيعة أيضًا بجواز بيعها، ولكن الشيعة لا يعتد بخلافهم، والمعتمد في تحريم أم الولد ما رواه مالك والبيهقي عن عمر بن الخطاب ﵁ أن رسول الله ﷺ "نَهَى عَنْ بَيْعِ الأُمَّهاتِ" وإجماع التابعين ومن بعدهم على تحريم بيعها. وأما حديث جابر قال: "بِعْنَا أُمَّهَاتِ الأَوْلَادِ عَلى عَهْدِ النَّبي ﷺ وأبي بكر، فلما كان عمر نَهَانَا فَانْتَهَيْنَا" وفي رواية قال: "كنا نَبِيع سرارينا أمهات الأولاد والنبيّ ﷺ لا يرى بذلك بأسًا". فقد قال الخطابي وغيره: يحتمل أن بيعها كان مباحًا في أول الإسلام ثم نهى عنه النبي آخر حياته =