للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الحنفية قد أبطلت العقد؛ لأنها أمر لازم لعقد البيع، والنهي عن الأمر اللازم مبطل لأصل التصرف، كما يرى أن العقد لا ينقلب صحيحًا إن أسقط الشارط الشرط المفسد؛ لأنه ما رضي بالعقد حين صدوره.
إلّا بالشرط الذي اشترطه، فبدون الشرط لا يكون راضيًا، فتبقى معاملة بلا تراض، فلا تحل؛ لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ وقوله : "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب من نفسه" والباطل معدوم شرعًا فلا بقاء له حتى ينقلب بعد ذلك صحيحًا، وأحاديث النهي الواردة في هذه الشروط هي: -
- ١ - ما روى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن النبيّ نهى عن بيع وشرط" فهذا نهي عام عن البيع والشرط؛ فيفسد كل بيع فيه شرط مؤد إلى المنازعة أو شبهة الربا؛ إذ النهي في الحديث معلل به، إلا ما جاءت به نصوص تجيزه، واعتبرت أقوى من هذا النص.
- ٢ - ما رواه أحمد في مسنده عن ابن مسعود أن النبي "نهى عن صفقتين في صفقة" والبيع مع الشرط الذي فيه منفعة لا يخرج عن صفقتين في صفقة؛ لأن شرط المنفعة إن قابله جزء من الثمن فهو إجارة في بيع، وإن لم يقابله شيء من الثمن كان في معنى إعارة في بيع، فكان البيع فاسدًا.
وبناء على هذه القاعدة الفقهية في الشروط، والقاعدة الأصولية من أنّ النهي إن رجع لأمر خارج عن حقيقة المعاملات وماهيتها بأن كان مثاره فيها هو الوصف اللازم لها، أو ما هو في حكم الوصف، لم يناف مشروعيتها بحسب الأصل، وإن أورث فيها فسادًا للوصف، فتكون المعاملة صحيحة بحسب الأصل، فاسدة للوصف، فتترتب عليها الآثار مع الحرمة وطلب الفسخ.
بناء على هاتين القاعدتين تتخرج الفروع الفقهية في البيوع المنهى عنها، لما اشتملت عليه من الشروط.
فالشروط الصحيحة اعتبرت غير منهى عنها، فلا تورث في العقد خللًا، فتصح مع العقد.
والباطلة اعتبرت معدومة كأن لم تكن فتلغو، ويبقى العقد صحيحًا.
والشروط الفاسدة لم يمكن إلغاؤها وتصحيح العقد، ولم يمكن اعتبارها وإبطال مقتضى العقد، فهي شروط لا يقتضيها العقد وفيها منفعة لمستحق لها، ففيها إلزام، وقضية العقد التخيير والإطلاق في التصرف، فالمنافاة بينهما ظاهرة، وليس أحدهما أولى بالعمل من الآخر، فعملنا بهما، وقلنا: إنه فاسد، فمن حيث وجود الأركان وماهية البيع كان مشروعًا، وبالنظر إلى عروض الشرط المنهى عنه كان غير مشروع، فكان فاسدًا. قاله شيخنا عبد المجيد محمد فتح الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>