منها: أن العموم: هو شمول أمر لمتعدد، والأمر شامل للمعاني شموله للألفاظ؛ إذ يطلق عليهما بالسواء، فحيث كان الإطلاق في الثاني حقيقيًا، فليكن في الأول كذلك، فإن زعم النافي أنه يعتبر في العموم بمعنى الشمول أن يكون الشامل أمرًا واحدًا، ولا كذلك المعنى، كالمطر، والخصب مثلًا، فإنهما في هذا المحل غيرهما في المحل الآخر - يجاب بأن ما ذكر لا يعتبر لغة في الشمول، وأنه على تسليم اعتباره، فهو حاصل في المعنى أيضًا، كعموم الإنسان للرجل والمرأة، واللون للبياض والسواد مثلًا، ولهذا فرَّق بعضهم بين المعنى الذهني، كالإنسان، فقال فيه: بالاتصاف؛ لوجود أمر واحد، وهو الكلي الصادق على المتعدد؛ وبين الخارجي، كالمطر، والخصب فقال فيه: بعدم الاتصاف؛ لعدم وجود الأمر الواحد الشامل المتعدد؛ إذ المتحقق هناك أمور شخصية. ومنها: أنه لو لم يتصف المعنى بالعموم حقيقةً، لما صحّ إطلاقه عليه شائعًا، والتالي باطل، فالمقدم مثله، فيثبت نقيضه، وهو المطلوب، أما الملازمة؛ فلأن الأصل في الإطلاق الحقيقة، وأما بطلان التالي؛ فلأن كثيرًا ما يطلق العموم على المعنى، فيقال: عم الملك الرعية بالإنعام، وعم المطر، والخصب. . . إلخ، فإن زعم النافي أن من لوازم الحقيقة الاضطراد، وما ذكر لا يضطرد، فلا يكون حقيقيًا. يجاب بأن هذا مشترك الإلزام بين محل الاتفاق، ومحل الاختلاف؛ وذلك؛ لأن الألفاظ قد لا يتصور عروض العموم لها، فلا يطلق عليها لا حقيقة، ولا مجازًا، فكما لم يدع في هذا الجانب اتصاف كل لفظ بالعموم، فكذلك في جانب المعنى، فقد يتبين من هذا أنه إذا فسر العموم بشمول أمر لمتعدد يكون الحق في هذا الخلاف القول بالاتصاف، إلا أن الموافق للمقام، والجاري على الاصطلاح الأصولي هو اعتبار العموم بالمعنى الأول؛ ولهذا صحح جمع من المحققين أنه هنا من عوارض الألفاظ دون المعاني، فيكون هو الأولى بالمراعاة.