الرابع: الاسم المفرد إذا دخل عليه الألف واللام لا للتعريف، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾، وقوله: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ وأمّا الاسم المفرد النكرة، كمشرك وسارق، فلا يتناول إلا واحدًا. الخامس: الألفاظ المؤكِّدة ككل، وجميع، وأجمعون، وأكتعون. تلك هي الصيغ التي كانت محل الخلاف بينهم. (١) أما النص فهو آيتان من كتاب الله: الأولى منهما: قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (٣١) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾. والثانية: قوله تعالى: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾ تمسكًا منه بقوله تعالى: ﴿إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ﴾. والحجة في الآية الثانية أن الأهل أضيف إلى نوح ﵇ وفهم نوح من هذه الإضافة العموم، وأقره الله على ذلك، وأجاب بما دل على أنه ليس من أهله، ولو كانت الإضافة لا تقتضي العموم وضعًا لما كان ذلك؛ إذ ليس في الكلام ما يدل على العموم سواها. وفي الأولى فهم إبراهيم ﵇ من أهل هذه القرية العموم، حيث ذكر لوطًا، وأقرّه الملائكة على ذلك، وأجابوه بتخصيص لوط وأهله بالاستثناء، واستثناء امرأته من الناجين، وكل ذلك يدلّ على فهم العموم من هذه الإضافة. وأما الإجماع فهو مأخوذ من فهم الصحابة العموم من هذه الصيغ، والاحتجاج بها من غير نكير عليهم، وقد ورد في هذا الباب وقائع كثيرة، منها ما يفيد فهم العموم منها، وقيام الحجّة بهذا الفهم من غير نكير، وهذا النوع يؤخذ منه الإجماع على إفادة هذه الصيغ العموم، ومنها ما يفيد فهم العموم منها، ولم يحصل لهم نكير إلا من جهة أن ما فهموا من العموم ليس مرادًا، وإنما أريد منه الخصوص، وهذا النوع صحيح في الاستدلال، من جهة عدم النكير عليهم في فهم العموم من الصيغة، وإنما جاء النكير من جهة أخرى.