للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قلنا: هذه المسألة موضوعة على رأي المعمّمين، فمطلق اللفظ معناه في مختارنا ما سبق، يعني من الحمل على العموم.

قال: وإن روجعنا في نجواز اللفظ عند قيام المخصّصات إلى اثنين وإلى ثلاثة، فعند ذلك [ننادى] (١)، ونقول: إن صار صائرون إلى أنه لا يمنع ردّ معنى اللّفظ بالتّخصيص إلى اثنين، فنحن لا نمنع من هذا، فقد يبدو للرجل رجلان فيقول: أقبل الرجال، ونحن لا نسوي مع ذلك بين الثلاثة والاثنين، فالرد إلى الثلاث أهون من الرد إلى اثنين. واندفع في تقرير هذا.

وحاصل كلامه: أنه لم يتكلّم في مدلول أقلّ الجمع، بل فيما يجوز انتهاء التخصيص إليه، فقال: ما خصص إلى الثلاث قيل: على الإطلاق، فإن تناول إلى اثنين احتاج مزيد قوة، ودليل يدل على ذلك، فإن تناول إلى واحدٍ احتاج زيادة أخرى مع جواز الكل.

هذا حاصل كلامه، وأنا أفهم منه أن اختياره في "مسألة الجمع" أن أقلّه ثلاثة، كما هو مذهب الشافعي، ولذلك لم يرد عليه، وإنما ردّ على القائل بالاثنين، وأنه مع ذلك يجوز انتهاء التخصيص إلى واحد، فكأنه نظر إلى فائدة المسألة، ؤلم يجعل انتهاء التخصيص مَبْنيًّا على حقيقة الجمع، بل جوّزه وإن خرج عن حقيقته إلى المثنى والواحد.

ويمثل الإمام لاختياره بأن المرأة إذا برزت للرجل حسن من بَعْلها أن يقول في توبيخها: أتتبرجين للرجال يا لَكْعَاء؟ وإن لم نتبرّج إلا لواحد.

قال المَازِرِيّ: وفيما يمثل به نظر، والمعلوم من القائلين بمثل هذا الكلام أنهم ما أشاروا به إلى ذلك الواحد الذي شاهدوا إفساده للحريم، وإنما يخطر بالبال حينئذ أن هذه الإشارة من هذا لم يكن إلا وقد تقدمتها إشارات لغيره، فيطلقون اسم الرجال على من شوهد، ومن استدلّ عليه بمن شوهد.

قلت: إن كان المَارِزِيّ يمنع هذا القول أن يقال لمن لم يتقدم لها تبرج لأحد، وقال: إنما يقال: أتَتبَرَّجِينَ للرجال؟ لمن ظنَّها زوجها قد تبرّجت من قبل لغير من تبرّجت له عند مُشَاهدته إياها، فقد عاند أهل اللِّسَان؛ فإنّهم يطلقون هذا اللفظ، وأن [يحققوا] (٢) أن المرأة لم تتبرّج من قبل لأحد.


(١) في أ، ب، ج: تبيد.
(٢) في ج: تحققوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>